الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 27 فبراير 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
رائع حتى في موته
ونادى يسوع بصوتٍ عظيم وقال: يا أبتاه، في يديك أستودع روحي. ولما قال هذا أسلَمَ الروح ( لو 23: 46 )
ما أروع الطريقة التي انتهت بها حياة المسيح! لقد عاش كل حياته متكلاً على إلهه. يقول له بحسب المزمور22 «لأنك أنت جذبتني من البطن. جعلتني مطمئنًا على ثديي أمي. عليك أُلقيت من الرحم. من بطن أمي أنت إلهي». فذاك الذي هو الله من الأزل، صار إنسانًا، وأخذ مركز الإنسان الكامل المُتكل على الله. ولقد عاش حياة لا نظير لها. وها هو يموت كالإنسان. فكيف يموت؟

إنه يموت وعلى شفتيه صلاة للآب! إنه يقول له: «يا أبتاه، في يديك أستودع روحي»، ثم يموت. فما أروع هذا!

لقد كانت أولى كلماته المسجلة له في الوحي المقدس هي قوله للمطوَّبة أمه: «أ لم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟» فهو هنا قال عن الله إنه أبوه، تمامًا كما قال الله عنه «أنت ابني الحبيب». أما الأشرار فقد اعتبروه مُجدفًا لأنه قال إن الله أبوه، فصلبوه. لكن ها هو، في آخر نُطق له من فوق الصليب، وقبل أن يُسلِم الروح، يقول بصوتٍ عظيم: «يا أبتاه، في يديك أستودع روحي».

لقد كان سيدنا دائمًا بحق، الإنسان الكامل المتكل على الله، فلما أتت ساعة الموت، كان هو أيضًا الإنسان المتكل على الله. هو القائل بحسب المزمور16 «احفظني يا الله، لأني عليك توكلت»، ثم يضيف قائلاً: «جعلتُ الرب أمامي في كل حينٍ، لأنه عن يميني فلا أتزعزع»، ثم يستطرد قائلاً: «لذلك فَرحَ قلبي، وابتهجت روحي. جسدي أيضًا يسكن مطمئنًا». ولهذا فإن المسيح هنا أمام مشهد الموت ما زالت ثقته في إلهه كاملة، فيستودع روحه الإنسانية بين يدي الآب!

صحيح كان المسيح قد سبق وأنبأ عن ذلك اليوم العصيب أن ابن الإنسان سوف يُسلَّم إلى أيدي الناس الخطاة ( لو 9: 44 مت 26: 50 )، وهذا ما حدث من لحظة القبض عليه في البستان حيث ألقوا عليه الأيادي (مت26: 50؛ مر14: 46؛ لو22: 53)، لكنه الآن، وقد أكمل العمل، يسلِّم روحه في يدي الآب. وصحيح أيضًا أنه عبرت على المسيح في الجلجثة عاصفة هوجاء، لم يرَ فيها وجه الله الكريم، عندما دخلت نفسه في أعماق الظلمة، لكنه ها هو يقول، في ثقة كاملة، وشركة رائعة: «يا أبتاه، في يديك أستودع روحي».

وهو وحدهُ حَمَلْ حُكمنا فوقَ الصليبْ
وهناك قد طَمَتْ لُجَجٌ فوقَ الحبيبْ

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net