الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 17 مارس 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تقوى أيوب ورخاؤه
كان رجلٌ في أرض عوص اسمه أيوب. وكان هذا الرجل كاملاً ومستقيمًا، يتقي الله ويحيد عن الشر ( أي 1: 1 )
توصف أخلاق أيوب بأربع صفات: فقد كان كاملاً، كامل الخُلق (نتكلم إنسانيًا) لا ينقصه الاستواء. يمتاز كثير من الناس ببعض الملامح النبيلة، لكنهم ناقصون في أركان أخرى من شأنها أن تصطنع إنسانًا كاملاً تامًا. فنراهم مثلاً صادقين، لكن يعوزهم الإشفاق؛ لطفاء لكنهم مُستضعفون. أما أيوب فكان إنسانًا متوازنًا.

ثم أنه كان مستقيمًا، وهذا وصف علاقته بالآخرين. فقد كان البرّ، أي العدالة، تميز طرقه، كما كان يفهمها هو جيدًا.

ثم كان يتقي الله، ومخافة الله رأس المعرفة. لم يكن أيوب، كما يزعم البعض، إنسانًا غير مولود من الله، فقد كانت في نفسه حياة. كان من أولاد الله، لا خاطئًا بعيدًا عنه. وما لم نستوثق من هذه الحقيقة، فإن جانبًا كبيرًا من الاختبارات التي اجتازها يفقد مفهومه.

وأخيرًا كان يحيد عن الشر، أي أن مسلكه الظاهري كان في توافق مع حالة قلبه.

كل هذا السمو الأدبي لم يكن حصيلة دعوى الرياء الجوفاء، بل نتاج الخُلق الحَسَن، من جانب ذاك الذي يقول عنه الله: «ليس مثله في الأرض». وفي تطابق مع أخلاقه الأدبية، وطبقًا لمستويات العهد القديم، كان أيوب على درجة من الرخاء سواء في دائرة الأسرة أو في المقتنيات. فقد كان له سبعة بنين وثلاث بنات. وإلى جانب وفرة الثراء، كان بنو أيوب يحيون حياة الرفاهية والمُتعة، ويتقاسمون المسرات مع أخواتهم. ولا نشتّم من كلمة الله أن الولائم التي كانوا يولمونها، كانت في ذاتها مطبوعة بطابع المجون والعالمية، كما كانت ولائم ذاك الذي قال لنفسه: «كُلي واشربي وافرحي». وكل ما في الأمر أن أيوب أدرك احتمال أنهم قد «يشبعون ويكفرون ويقولون مَن هو الرب»، الاحتمال الذي كان يخشاه أجور من ذاته ( أم 30: 9 ). وعلى ضوء هذا الاحتمال أصعد أيوب مُحرقات لكل واحد من بنيه.

ومن الممكن أننا نلمس هنا شاهدًا بسيطًا عن بره الذاتي إذ يظن أن بنيه، دونه هو شخصيًا، هم الذين قد يتحولون عن الله. لكن يبدو أن هذا التصرف إنما يكشف عن قلق في نفس قديس يتقي الله، من أن أولاده قد يستسلمون لنوع من التجارب المألوفة في حياة المسرات. ويظهر أن هذا العمل قد ذُكر هنا برهانًا على أصالة تقوى هذا الرجل.

صموئيل ريداوت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net