الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 11 مايو 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الابن الأصغر
جمع الابن الأصغر كل شيءٍ وسافر إلى كورة بعيدة، وهناك بذر ماله بعيشٍ مُسرف ... فابتدأ يحتاج ( لو 15: 13 ، 14)
لقد طلب الابن الأصغر من أبيه أن يعطيه القِسم الذي يُصيبه من المال، وفعلاً أعطاه أبوه نصيبه من ذلك المال. وفي هذا نرى أن كل الخيرات الزمنية التي يتمتع بها جميع الناس الأبرار والأشرار على السواء مصدرها الله. فالهواء والماء والقوت والكسوة والمال والصحة؛ كلها عطايا يمنحها الله للإنسان ليتمتع بها في الحياة الحاضرة. ومع ذلك فقد أساء الإنسان استعمال تلك الهِبة الإلهية لأنه لم يتصرف فيها تحت نظر الله المانح لها، بل في البُعد والاستقلال عنه، أي في «الكورة البعيدة». فكم نرى شبانًا منحهم الله صحة قوية، وأعطاهم أموالاً كثيرة وخيرات جزيلة ولكنهم لم يمجدوه فيها، بل أنفقوا شبابهم وأموالهم وأوقاتهم في الباطل، فتحولت تلك البركات إلى لعنات ( مز 109: 17 ).

وبمجرد أن أخذ ذلك الابن نصيبه من المال لم يَطق البقاء طويلاً في المدينة التي يعيش فيها أبوه ، بل «سافر إلى كورة بعيدة». حقًا إن هذه صورة الإنسان الخاطئ في كل زمان، فإنه لا يطيق أن يرى الله أو يسمع عنه، بل يبذل كل مجهوده ليبعد الله عن قلبه وأفكاره. لقد سافر الابن الأصغر إلى كورة بعيدة لكي لا يرى أباه، ولا يزعج قلبه وضميره بالتفكير في أبيه. وما كانت نتيجة ذلك إلا أنه «هناك بذَّر ماله بعيشٍ مُسرِف ... فابتدأ يحتاج». وفي هذا إنذار مُخيف لكل نفس ضالة تحسب أن «تنعُّم يوم لذة» ( 2بط 2: 13 )، إذ لا بد أن يأتي الوقت الذي فيه يطلب الإنسان اللذة فلا يجدها، لأنه يكون قد أنفق كل شيء، أنفق صحته وشبابه وزهرة حياته وماله في الباطل، ولسوف تأتيه أيام الشر والسنون إذ يقول: «ليس لي فيها سرور» ( جا 12: 1 ). ويا له من أمرٍ غريب، أنه في الوقت الذي فيه أنفق ذلك الابن كل شيء، في ذلك الوقت عينه «حدث جوعٌ شديد في تلك الكورة»، فالعالم الذي يراه الخاطئ اليوم غنيًا في ملذاته ومسراته، لا بد أن يراه غدًا فقيرًا مُعدمًا لا يستطيع أن يمنح لذة واحدة. وإننا نناشد كل خاطئ بعيد عن الله بأن يستفيق من غفلته، فيهجر كل الشهوات العالمية قبل أن يأتي الوقت الذي تهجره تلك الشهوات، فيشعر إذ ذاك بالفقر والبؤس الشديدين. وفي الوقت الذي نناشد فيه كل خاطئ بأن يهجر تلك الشهوات الباطلة، نوجه التفاته إلى ذلك المخلِّص الكريم الذي يمنح نعمًا حقيقية وسرورًا يدوم إلى الأبد.

وليم كلي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net