الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 30 مايو 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أسطح بلا أسوار
وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأة تستحم ( 2صم 11: 2 )
داود، البطل المغوار منذ شبابه، الذي وضع حياته على يده من أجل مجد الله، والذي كانت شاة واحدة من قطيعه ليست رخيصة عنده، وشعب الله غاليًا على قلبه للغاية، رجل الإيمان، صاحب الاختبارات، والمرنم الحلو، الحاصل على شهادة الله أنه «رجلٌ حسب قلبه»؛ رجل له كل هذه المواصفات الحميدة، وأكثر، مَن منا كان يظن أنه يسقط؟! لكنه سقط، وكان سقوطه عظيمًا.

واعتقادي أن أحد أسباب الكارثة التي حلَّت، هو أن بيت داود لم يكن مُتمَّمًا فيه الوصية «إذا بنيت بيتًا جديدًا، فاعمل حائطًا لسطحك لئلا تجلب دمًا على بيتك إذا سقط عنه ساقطٌ» ( تث 22: 8 ). والذي سقط في قصتنا هو داود نفسه، صاحب البيت. لو كان السطح ذا سور ما كانت هناك الفرصة لأن يرى المنظر الذي أوقعه، ولو وُجد السور لَمَا كان هناك اتجاه لعينيه إلا إلى أعلى، إلى السماء. وفي هذا الاتجاه الرِفعة لا السقوط.

والسور هنا ـ باختصار ـ يتكلم عن الانفصال عن شرور العالم الذي نعيش فيه، عن المبادئ المختلفة التي لا تتفق مع كلمة الله، والتي قد يراها مَن حولنا طبيعية جدًا. وعمليًا، هذا يعني أن تكون طريقة تفكيري مختلفة عن الملايين من الزملاء والأتراب، ليس رغبةً في التميز فحسبْ، بل لأني بنيت قناعاتي على أساس كلمة الله التي لا يعرفونها، وإن عرفوها لا يقدِّرونها، وإن قدروها فلن يستطيعوا أن يطبِّقوها. أما بالنسبة للمؤمن الحقيقي فقد وُلد بواسطتها، ولا بد أنه يقدِّرها لأنها من الله مصدر حياته، والروح القدس، عاملاً في الطبيعة الجديدة التي نالها، هو قوة تطبيقها.

ففيما يتعلق بالتفكير والقرارات، فلم أعُد مثل ”باقي الناس“: فإن كانوا هم يعتقدون أن المتعة الوقتية هي المنهج الأمثل في هذه الأيام، فأنا عيني على ما هو أبقى، على ما هو أبدي. وإن كانت كلمات الناس هي الأهم بالنسبة لهم، فرضى الله ومدحه هو ما لا أستطيع أن أعيش أنا بدونه. وإن كانوا يغفلون مبدأ الزرع والحصاد، فأنا لا أشك للحظة أنه دائمًا سارِ المفعول. وإن كان الخنزير يتلذذ بالأوحال، فالخروف لا يطيق لطخة دنس على صوفه الأبيض. اقتناعي بكل ما سبق، وعيشتي بناء على هذه القناعة، وتأثير ذلك على قراراتي، يشكِّل سورًا على سطحي، يمنع السقوط، ويجذب القلب إلى فوق، إلى الرفعة والنُصرة.

عصام خليل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net