الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 26 يوليو 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الامتحان الأول لأيوب
فقام أيوب ومزَّق جُبته، وجزَّ شعر رأسه، وخرَّ على الأرض وسجد، وقال: ... الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا ( أي 1: 20 ، 21)
أُسلم أيوب ليدي الشيطان، وكل ما كان لأيوب أُخضع كذلك لمساوئ وأذى هذا العدو «إنما إليه لا تمُد يدك». شعرة واحدة من أولاد الله لن تسقط بدون إذنه. وما الشيطان إلا أداة وقتية لإتمام مشيئة الله، ولن يقدر أن يفعل أكثر مما أُجيز له. وكم هو نافع أن نتذكَّر هذه الحقيقة!

أما عن الضربات التي وقعت على أيوب، فإن أربع منها توحي، طبقًا للدلالة العددية، بالامتحان أو الاختبار الذي جازه عبد الرب. وقعت أولاها على البقر والأُتن، أي على وسائل العمل الذي هو مصدر الثروة. ذلك أن السبأيون سقطوا عليها وضربوا الغلمان جميعًا بحد السيف ما عدا الهارب الذي حدَّث بما جرى.

ثم جاءت الضربة الثانية مباشرةً، لتقع على الغنم، مصدر الغذاء والكساء، وعلى الغلمان رعاتها. والعامل في هذه الدفعة هو «نار الله .. من السماء». والضربة الثالثة استهدفت الجِمال، ودواب الأحمال والأسفار، مصدر الثروة التجارية، ومُنفذو هذه الضربة هم الكِلدانيون، وقد اكتسحوا الجمال والغلمان، تمامًا كما حدث مع السبأيين .. وأخيرًا وقعت الريح الشديدة على البيت الذي كان الأولاد والبنات يولمون فيه ولائمهم، بحيث لم تدَع سوى غلام يُبلِّغ خبر الكارثة.

وهكذا تنهال الضربات تباعًا، وقبل أن يستفيق من واحدة يأتي خبر التالية. وكانت ضربات بلا شفاء، متجمعة، صاعقة. وفي لحظات قصار تجرّد أيوب من كل شيء. حقًا لقد فعل الشيطان فِعله بالتمام بسماح من إله كُلي الحكمة.

لقد صارت الريح العاصفة بكل قوتها، فماذا عساه يفعل ذلك المتألم؟ لم يصدر من بين شفتيه أي تذمر وقد خسر كل مقتنياته، ولما بلغت التجارب والضربات إلى الذروة قابلها بنُبل رجل الإيمان، ولكن بقلب رقيق كسير. فالجبَّة الممزقة وشعر الرأس المُجتز، مميزان على النادب الحزين. وقد أقرَّ بأن شيئًا لم يكن له بالاستحقاق، عريانًا أتى إلى العالم، وعريانًا سيعود. على أنه يتحول من الضربة إلى اليد الضاربة، ويتجاوز كل العِلل الثانوية، بشرية كانت أو معجزية، ويُلقي بأحزانه عند قدمي الرب «الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا». وهكذا تبددت خيبة الشيطان بالتمام. كان هدفه أن يقصي أيوب عن الله، لكنه إنما زاده قُربًا إليه. وهذا برهان على حقيقة إيمان أيوب.

صموئيل ريداوت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net