الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 28 أكتوبر 2012 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
محبة الآب للابن
لِهَذَا يُحِبُّنِي الآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا. ... هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي ( يو 10: 17 ، 18)
إذا كان الآب لم يَسعه إزاء حياة الرب يسوع الكاملة إلا أن يقرر: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت»، فكم بالحري يكون سروره عندما ذهب، في سبيل طاعته ومحبته له، إلى الموت؟

في إنجيل يوحنا نجد في الرب هاتين السِمتين: محبته للآب، وطاعته للآب. وكلتاهما ظهرتا في ذهابه للموت «ولكن ليفهم العالم أني أُحب الآب، وكما أوصاني الآب هكذا أفعل. قوموا ننطلق من ههنا» ( يو 14: 31 )، ثم قام عن العشاء ليذهب إلى الصليب.

لنفترض أن صديقًا نُحبه كثيرًا قد اجتاز في آلامٍ مريرة، وعانى أشد المُعاناة في سبيل تتميم أمر طالما تمنَّينا حدوثه، ألا نقدِّر إخلاصه لنا وتكريسه لإكمال ما نشتهي؟ فكِّر إذًا في الرب يسوع المسيح في كل كُلفة تكلَّفها، في كل ألم مُمض سحقه، وكل عار مُشين لحقه، لكي يُكمل مشوار الطاعة ويُتمِّم مشيئة الله، كما قال: «طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله».

لقد كان موضوع فرح وسرور الآب دائمًا، والآن ها هو يذهب ليضع حياته في محبة وطاعة للآب، ويقول: «لهذا يُحبني الآب، لأني أضع نفسي لآخُذها أيضًا» ( يو 10: 17 ).

«لِهذا»؟! أ لم يكن الآب دائمًا يُحب الابن؟ بلى. بكل يقين. إذًا فما معنى قوله: «لهذا يُحبني الآب، لأني أضع نفسي لآخذها أيضًا»؟ ليس معنى هذا بالقطع أن محبة الآب للابن قد استجدت أو ازدادت. ففي يوحنا 17: 24 الابن يخاطب الآب قائلاً: «لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم»، ومن ثم فهذه المحبة ليست جديدة، كما لا يمكن أن يكون المقصود بها أنها ازدادت، لأن هذا يتضمن تغييرًا طرأ على الآب. وحاشا له، لأن ذلك يتنافى مع طبيعة ذاته كالله «الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران» ( يع 1: 17 ). ثم إن هذه الطاعة للآب حتى الموت لم تكن مجهولة عند الآب أولاً.

إذًا ما هو المقصود بقوله: «لهذا يُحبُّني الآب»؟ المقصود أنه كان هناك سببًا إضافيًا جديدًا وباعثًا حديثًا (إذا جاز لنا هذا التعبير) لمحبة الآب الدافقة تجاه الابن. وعندما جُعل الرب خطية على الصليب، أ لم يكن في شخصه، هناك ذروة سرور الآب وأوج فرحه، إذ أظهر هذا (أن يُجعَل خطية على الصليب) كمال طاعته. لأنه إنما ذهب إلى هناك في سبيل طاعته لله «أطاع حتى الموت موت الصليب» ( في 2: 8 ).

ر. ف. كينجسكوت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net