الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 3 نوفمبر 2012 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
العبادة الصامتة
وَإِذَا امْرَأَةٌ .. كَانَتْ خَاطِئَةً ... جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ .. وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ، وَكانت تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا ( لو 7: 37 ، 38)
ليست العبادة فريضة تُمارس، إنما هي واقع مبعَثه تقدير عميق لله. ومتى كان قلب الساجد هو الباعث لها، فإن العبادة في تدفقها سوف تكتسح كل الدوافع الأخرى إلى أن تتوارى جميعها. وليست وسيلتها في التعبير مقصورة على مجرد كلمات، بل إنها أكثر عمقًا من الكلمات، ومن كل ما تستطيع أن تؤديه الكلمات. ليته لا يغرب عن بال أية مؤمنة أن وجودها في سكوت وصمت في الاجتماعات ليس فيه أي ضير. فالعبادة ليست بالعبارات الرنانة المنمقة «فإن حنة كانت تتكلم في قلبها ... وصوتها لم يُسمع» ( 1صم 1: 13 )، والرب ذكرها، فجاءت بطفلها صموئيل للرب الذي وهبها إياه، وفي هذا تتركز العبادة الحقة.

والمرأة الصامتة في منزل سمعان الفريسي كانت من ذات الطابع الروحي الذي لحنَّة. كانت أغنى جميع الحاضرين روحيًا، فقد نالت غفران خطاياها. وهكذا توفر لها ما يمكن أن تقدمه. انفردت بالسجود في وسط جماعة منتخبة من ذوي البر الذاتي من الفريسيين الذين توَّجوا هاماتهم بمجد ذاتي، بينما خَلَت حياتهم من أي عمل مقبول لدى الله. في ذلك السكون الذي خيَّم على المنزل، وفي جو من النقد الصامت، لم يكن يُسمَع سوى صوت نحيب الخاطئة، ولكنه كان تعبدًا صامتًا ممن نالت كثيرًا، ولذلك أحبت كثيرًا. لقد استغرق عملها هذا وقتًا، ولكن ما أروع ما أدَّته في ذلك الوقت. فمن تلقاء نفسها أعطت كل شيء. لقد كانت دموعها تنسكب على قدمي الرب، وتاج مجدها مُمثلاً في شعرها يمسحهما، ما كان للشعائر الدينية أن تُقارن بقارورة طيبها المنسكبة وهي لم تكف عن تقبيل رجليه.

وللحال تتوارد الخواطر وتسري في جو قاعة الطعام بمنزل سمعان الفريسي، وكلمة «لو» تأخذ طريقها إلى الأذهان، وفي صمت تتسلل إلى أعماق تلك الجماعة الناقدة «لو كان هذا نبيًا، لعلِمَ مَن هذه المرأة التي تلمسه، وما هي! إنها خاطئة». ولكن الرب كان يعلم، ومَنْ سواه يعلم؟ وفي وعي من هذه المعرفة كانت خواطر قلب تلك المرأة تصل إليه هاتفة: ”أنت مخلِّصي“. لم تكن لتلك المرأة دراية وفيرة حتى ذلك الحين، ولكن بتلك المعرفة الثابتة رغم ضآلتها تعبَّدت له، والرب كعادته لم يتقبَّلها فحسب، ولكنه أضاف إلى كنز معرفتها الضئيل الشيء الكثير بقوله لها: «إيمانك قد خلَّصك، اذهبي بسلام».

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net