الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 29 يونيو 2012 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مَن هو الإِنسان؟
إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ،..وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا، فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ؟ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟ ( مز 8: 3 ، 4)
عندما كان داود يرعى غنم أبيه على روابي بيت لحم، كم من المرات تأمل السماء فرأى فيها عظمة الخالق في إبداع خليقته، تلك الخليقة التي تعلن قدرة الله السرمدية وألوهيته ( رو 1: 20 )؟ لقد قال الله قديمًا: «ارفعوا إلى العَلاء عيونكم وانظروا، مَن خلق هذه؟ مَن الذي يُخرج بعددٍ جُندها، يدعو كلها بأسماءٍ؟ لكثرة القوة وكونهِ شديد القدرة لا يُفقد أحدٌ» ( إش 40: 26 ). حقاً إن «السماوات تحدِّث بمجد الله، والفَلَك يُخبر بعمل يديه» ( مز 19: 1 ).

ومن الجميل أن الوحي عندما يتحدث عن الخلاص يقول إنه عمل ذِرَاع الرَّب ( إش 53: 1 )، أما السماوات وكل ما فيها، والأرض وكل ما عليها فهي عمل أصابعه فقط!

وفي العدد الرابع ( مز 8: 4 ) يتساءل المرنم متعجبًا: «فمَن هو الإنسان؟!». لقد أدركَ داود ضآلة الإنسان، فتساءل: «فمَن هو الإنسان حتى تذكره؟ وابن آدم حتى تفتقده (تزوره)؟».

وحقاً إننا أيضًا نتساءل: مَن هو الإنسان أمام الجبل الضخم؟! كم يحس المرء بالضآلة أمام المحيط المترامي الأطراف؟! ما أتفهه عندما تهب العواصف أو تثور البراكين! ثم ارفع بصرك إلى فوق وانظر نجوم السماء وتأمَّل هذا الكون الفسيح. حقًا كم يُساوي الإنسان أمام عَظَمة الكون واتساعه اللانهائي؟

وقول المرنم «مَن هو الإنسان حتى تذكره؟ وابن آدم حتى تفتقده؟ (تزوره)» يتضمَّن بركة مزدوجة من الله للإنسان: فالله ليس فقط زار آدم في الجنة، بل زار ابن آدم في الأرض الملعونة.

حقًا كما قال أحد رجال الله: إن الإنسان ضعيف بالخلق، بائس بالسقوط. ونحن لو تذكَّرنا الأصحاحات الأولى من سفر التكوين سنعرف حقيقة ذلك. فعندما خلقنا الرب، خلقنا أقل من الملائكة، غير أنه ميَّزنا عنهم. فهو لم يخلق الملائكة لكي تتسلط، إنما خلق الإنسان لذلك «فيتسلَّطون» ( تك 1: 26 ). إذًا ففي تكوين1 أخذ الإنسان السلطان، وفي تكوين2 مارَس هذا السلطان، عندما دعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية (ع20). لكن سرعان ما نجده في تكوين3 وقد فقَدَ السلطان. ولم يفقد السلطان فقط، بل أدخل الأنين أيضًا إلى الخليقة «كل الخليقة تئن»، وأكثر مَن يئن فيها هو الإنسان. لكن حمدًا لله، فقد أتى المسيح إلى الأرض ليفدي الإنسان، كما أن الخليقة نفسها ستُعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net