الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 17 أكتوبر 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يعقوب وبولس
وَبَارَكَ يَعْقُوبُ فِرْعَوْنَ ..فَقَالَ..: أَيَّامُ سِنِي غُرْبَتِي مِئَةٌ وَثَلاَثُونَ سَنَةً ..وَبَارَكَ يَعْقُوبُ فِرْعَوْنَ ( تكوين 47: 7 - 10)
لم يكن في انفصال يعقوب عن العالم شيء من التواضع المُصطنع الكاذب المظهر. بل في وسط تغرُّبه العملي كان يعرف، وكان يملأ مركزه الحقيقي تحت سيادة الله. عند دخوله وعند خروجه من حضرة فرعون الملك نطق في مسامعه بالبركة. وفي حديثه مع فرعون يقرر أنه نزيل وغريب أعيَته الغربة. لكنه عند دخوله إلى حضرته وعند خروجه تصرَّف كشخص يعرف مركزه في اختيار الله ونعمته، فبارك فرعون «وبدون كل مشاجرة: الأصغر يُبَارك من الأكبر» ( عب 7: 7 )، أي لا مجادلة في حقيقة أن يعقوب أمام الله كان هو الأكبر والأرفع مِن فرعون مصر. وسمعان البار أمام الطفل يسوع كان يُدرك هذا فلم يتجاسر على أن يُبارك مَنْ هو أكبر منه مركزًا ومقامًا، وإنما بارك فقط يوسف ومريم. أما يعقوب وهو أمام أكبر ملوك الأرض كان يعرف مقامه، فبارك فرعون. ويعقوب يترفع عن أن يطلب شيئًا من فرعون رغم أنه يعلم تمامًا أن كل طلباته سوف تُجاب حتمًا لو طلب. لقد أغمض عينيه عن كل ما يمكن أن يقدمه فرعون أو مصر. لكنه يتكلَّم كالغني المُستغني الذي وهو الأكبر يُبارِك مَن هو أصغر مرة ومرتين.

ويوجد شبَه كبير بين يعقوب هنا، وبولس أمام أغريباس (أع26). كان بولس أسيرًا مقيدًا أمام مَنْ يمثِّل عظمة روما وسيادتها، ولكنه يتكلَّم في مسامع هذا الملك، وفي مسامع حاشيته، كمَن يمتلك شيئًا لا يملكونه. ويُخبرهم أن أغلى أُمنية له هي أن يراهم مثله ما خلا القيود. هذا هو الإيمان الذي يُمجد النعمة، وإنه لإيمان ثمين بالحقيقة سواء كان في رسول أسير أو في واحد من الآباء نزيل في أرض غريبة. كانت لمصر كما كانت لروما خزائن الدنيا التي يرمقها كل إنسان حسدًا، لكن كانت على لسان يعقوب، كما كانت على لسان بولس، لغة أخرى غير لغة سائر الناس.

وهكذا نرى يعقوب في تكوين 47 شخصًا جديدًا يختلف تمامًا عن يعقوب الذي عرفناه في الأصحاحات السابقة من سفر التكوين. الآن صارت له شركة في قداسة الله. لقد صار له فكر الله، وتوافقت صفاته مع صفات الله ودعوة الله. إنه غريب ونزيل في الأرض لكنه الواثق المتأكد من ضمان الميراث الموعود له. وهكذا أثمرت التدريبات وأزهر إيمانه في القلب في الداخل.

يا ليتَ به نقنعُ ونسعى بالإيمانْ
فلا نعودُ نُخَدعُ بالبُطلِ والعيانْ

ف. و. جرانت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net