الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 24 أكتوبر 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الفتاة المسبية ورسالتها
يَا لَيْتَ سَيِّدِي أَمَامَ النَّبِيِّ الَّذِي فِي السَّامِرَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَشْفِيهِ مِنْ بَرَصِهِ ( 2ملوك 5: 3 )
لم تُشفق هذه الفتاة المسبية الصغيرة على نفسها، أو تندب حظها، أو تلوم الناس والأحداث، بل فاض قلبها بالحب الصادق، وبالمشاعر التي تدفقت رقَّت على سيدها.. يا للمشاعر الحانية! يا له من حب فريد! هل تُشفقين عليه أم تنظرين لحالك؟ هل تتمنين شفائه أم تَرين مرضه قصاص يستحقه؟ هل تترجين شفائه أم عتقك؟ نعم، يا لرقة المشاعر! رجل يستعبدها، يختلف عنها في الدين واللغة والعادات، لكنها أدركت إرسالية القدير، ولم تغلق أحشائها فأحبَّته.

لقد شهدت للرب برقة مشاعرها، وأيضًا ببساطة رسالتها. لم تُقدِّم الحجج والبراهين، ولم تُثبت نظرياتها بالأدلة القاطعة، ولم تُفحم سامعيها بروعة البيان وفصاحة اللسان، لكن قدمت أعظم خبر سار لنفس أذلها الداء، وعرضت الخبر ببساطة متناهية، في كلمات قليلة يمكن صياغتها في قالب أبسط: ”نبينا يقدر أن يحل مشكلتك“. كانت تعلَم أن أليشع يُمثل الله في نعمته؛ لقد أرسله الله ومسحَه نبيًا لكي يُبشِّر المساكين بالروح، والله في نعمته قادر أن يشفي عِلَّته.

أحبائي: كم من المرات التي ضيَّعنا فيها فرصًا كثيرة لنقدم الخبر السار، وقد تذرَّعنا بعدم المقدرة أن نسوق البراهين، وتعلَّلنا بعجزنا على إجابة الأسئلة، ومخاوفنا من الجَدَل العقيم، فأجرَمنا بصمتنا في مناسبات عدة، بينما النفوس في عطشها ولهفتها تتوق إلى كأس ماء وليس إلى موضوع إنشاء.

وإن إيمان هذه الفتاة الشُجاعة ذات القلب الرقيق، يدعو للدهشة. إنها لم تَقُل: ”لن يخسر سيدي شيئًا إذا جرَّب حظه“. ولم تَقُل: ”عسى أن يشفيه“، أو ”ربما يشفيه“. كلا، بل كان لها إيمان عظيم أن «غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله» ( لو 18: 27 )، وهكذا قالت بكل الثقة واليقين: «النبي الذي في السامرة ... يشفيه من بَرَصهِ» .. الملك يُمزق ثيابه، ولكن الله يقول كلمة، ويكفي أن يُرسل الرب كلمته، والكلمة بسلطانها تشفي وتُحرِّر.

آه، كم من المرات التي فيها فاضت مشاعرنا بالحب، وانطلقت ألسنتنا بالشهادة، لكن كان ينقصنا الإيمان الذي يُسرّ به الله؛ إيماننا بأن إلهنا الحي القدير، صاحب السلطان المُطلق، القائل: «رأيي يقوم وافعل كل مسرتي» ( إش 46: 10 ). ومسرة الرب هي في خلاص النفوس، ولا يمنع يده مانع، ولا يقف أمام إرادته حائل، ولا يصعب على نعمته أعتى المجرمين أو أشر الخطاة.

شَهادتِي أُذيعْ بَيْنَ الجُموعْ
ليعرف الجميع فدى يسوع

أيمن يوسف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net