الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 27 أكتوبر 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ظل الصليب
وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَان ( يوحنا 3: 14 )
قد نتساءل: متى ارتسم أمام الوجدان الإنساني لربنا المبارك هول آلام الصليب؟ إنه كابن الله كان مُدركًا لذلك دائمًا، لأنه تقرَّر في مشورات الأزل، أن يكون حَمَل الله الذي يرفع خطية العالم. وفي الوقت المُعيَّن أخلى نفسه لكي يصير مُطيعًا حتى الموت؛ موت الصليب. وكابن الإنسان كانت هناك أوقات فيها ارتسم أمامه الصليب بكل أهواله. ويتضح من أقواله أثناء خدمته الجهارية أنه كان يعيش دائمًا متفكرًا في آلام الجلجثة.

ففي حديثه مع اليهود في فناء الهيكل المُطهَّر من الباعة والصيارف، تكلَّم بوضوح عن نقض جسده ( يو 2: 19 ). وبعد ذلك تكلَّم بشكل قاطع واضح أنه ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان، ليس فقط إلى يمين الآب، ولكن «كما رفع موسى الحية في البرية»، مؤكدًا بذلك أن بينه وبين بيت الآب الساطع الذي كان ذاهبًا إليه تكمُن ظلمة الصليب. وعندما تحدَّث عن خبز الله النازل من السماء الواهب حياة للعالم، قال: «والخبز الذي أنا أُعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم» ( يو 6: 51 ).

وقبيل حادثة التجلي «ابتدأ يسوع يُظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيرًا ... ويُقتل، وفي اليوم الثالث يقوم»، الأمر الذي أثار معارضتهم الشديدة ( مت 16: 21 ، 22). وبعد حادثة التجلي نقرأ «وحين تمت الأيام لارتفاعه ثبَّت وجهه لينطلق إلى أورشليم» ( لو 9: 51 )، عالمًا تمامًا أن الساعة المُتنبأ عنها أوشكت أن تَدُق.

لقد سبق فرأى الكل بوضوح: التعذيب الجسماني، الخزي والعار والبصق، كل ذلك كان حاضرًا أمامه، وكذلك ما هو أشد هولاً ومرارة؛ الترْك من الله، وهو حامل ثقل خطايانا على الصليب. كل هذا وقد انتظر رقة فلم تكن، ومُعزين فلم يجد، فالمحب والصديق يقفان بعيدًا، والتلاميذ يتركونه ويهربون، والسماء نفسها تحجب ضياءها، ومع ذلك فإنه لم يُعاند ولم يرتد إلى الوراء، بل بذل ظهره للضاربين، وخده للناتفين، ووجهه لم يستر عن العار والبصق. نعم. إنه «من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينًا بالخزي».

أيها الأحباء: إن مُخلِّصنا قد عرف تمامًا كل ما كان عليه أن يحتمله من سلسلة طويلة من الكَرب والأهوال، وقد اجتاز فيها بهدوء، وواجه بدون تردد أعنف حزن وألم.

كاتب غير معروف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net