الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 14 نوفمبر 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
النبي الهارب!
وَصَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إِلَى يُونَانَ ..قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي ( يونان 1: 1 ، 2)
توجد ضرورتان جوهريتان ليتأهل المؤمن عمليًا ويُصبح نافعًا في عمل الرب والشهادة له، وهما: (1) إرادة منكسرة. (2) قلب منكسر.

صحيح أن كل مؤمن لا بد أن يختبر طول حياته نشاط إرادته الذاتية، وكذلك قلبه الشرير، لكنه صحيح أيضًا أنه توجد فترة في حياة كل مسيحي حقيقي فيها يكسر الرب، الكُلي النعمة والحكمة – بنفسه – إرادته الطبيعية في مدرسة التجارب العميقة، حتى يتعلَّم أن يقول بالحق: ”لا إرادتي بل إرادتك“، وحينئذٍ سيجد أن يد الرب رقيقة كما أنها قوية.

إن الاختبار اليومي يشهد بضرورة ضبط الطبيعة المتمردة الفاسدة باللجام والزمام. إن الفرس الصغير الذي صاحبه لم يكبح جماحه في الوقت المُعيَّن، سيكون بلا نفع له. وهكذا بدون انكسار إرادتنا سنكون غير قادرين على تمييز إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة، سواء في المصاعب العادية في حياتنا اليومية، أو من جهة عمل الرب وخدمته. وكما أن الضباب يحجب الشمس، هكذا تخفي إرادتنا الذاتية عنا معرفة إرادة الله، لذلك يُدخلنا الله في مدرسة التجارب والآلام لنتعلَّم أن ندين ونرفض إرادتنا الغبية المتمردة، ونكون قادرين أن نختبر «ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة» ( رو 12: 2 ). وما ينطبق على الإرادة، ينطبق على القلب «المُتكل على قلبه هو جاهل» ( أم 28: 26 ). ولماذا؟ لأن «القلب أخدع من كل شيء وهو نجيسٌ» ( إر 17: 9 ). ومَن هو الذي يثق في إنسان شرير، أو يُصدّق شخصًا مخادعًا إلا الشخص الجاهل!

لكن حينما تنكسر الإرادة عمليًا، ويخضع القلب المتمّرد – بشهواته، وأغراضه، وخططه – نستطيع أن نتمتع بقلب الله المُحبّ الذي يرثي لنا بكل رقة، وحينئذٍ نكون في منتهى السعادة، وبالإرادة المنكسرة نتمكن من خدمة الرب ”بحسب قلبه“.

أما يونان فمع أنه كان خادمًا لله، إلا أنه لم يكن قد تعلَّم أن يُنكر نفسه ويتخلى عن إرادته الذاتية وأفكاره الخاصة، لكي يتكل على الله وحده. لقد كان يفكّر في كرامته ومركزه كنبي، ناسيًا أنه كان عبدًا مَدينًا بطاعة سيده. لذلك عندما تلقَّى من الله أمرًا كان تنفيذه في رأيه سيضرّ بخدمته النبوية المُكرَّمة، ذهب في طريقه الخاص، وحاول أن يهرب من وجه الرب، لكن الرب أظهر له حالاً غباوة هذه المحاولة. وكان على يونان أن يتعلَّم بعض الدروس المُذلة، في جوف الحوت في قلب البحر، وأيضًا تحت اليقطينة.

فون بوسك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net