الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 7 نوفمبر 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
رفقة الأم
فَأَحَبَّ إِسْحَاقُ عِيسُوَ لأَنَّ فِي فَمِهِ صَيْدًا، وَأَمَّا رِفْقَةُ فَكَانَتْ تُحِبُّ يَعْقُوبَ ( تكوين 25: 28 )
بالرغم من أن الوحدة الخاصة بالمبادئ والأفكار والمواقف، يجب أن تُميّز كل زواج ناجح، إلا أن الشخصيتين المتضادتين لتوأمي رفقة؛ عيسو ويعقوب، أظهرتا الجانب المُظلم مِن شخصية أمهما، ونعني به تحيُّزها إلى يعقوب ابنها الصغير، في الوقت الذي أحبَّ فيه إسحاق ابنه عيسو. هذا التحيّز أوجد – بلا شك – شرخًا وتصدعًا وانقسامًا في الأسرة كلها!

ومهما اختلف الأولاد في الطباع أو الحياة أو الأسلوب، فإن من أكبر الأخطاء أن يلاحظوا ظاهرة التحيز في المعاملة عند الأبوين. إن هذا الأمر قد يكون بمثابة الدمار للأسرة كلها، إذ ينجم عنه حتمًا الحقد والضغينة والصراع، وقد قاد رفقة في النهاية إلى الكذب والخداع، عندما نصحت ابنها يعقوب أن يكذب على أبيه وأن يخدعه، ورسمت خطة حرمان عيسو من بركة أبيه، وابتكرت بمكر خطة التقمص للشخصيات (تك27). وفي كل الكتاب المقدَّس نرى دور الأم، وتأثيرها على أولادها، سلبيًا أو إيجابيًا؛ للشر أو للخير. ويبدو أن سِمَة المكر والخداع، التي كانت من السِمات المُميّزة لحياة يعقوب، لم تكن سوى امتداد لصفات الخداع والمكر المُميزة لأمه. وقد عانى كلاهما نتيجة لتبني طرق مُضللة لتحقيق أغراضهما، ولكن المبدأ الذي يقول: «لنفعل السيِّآت لكي تأتي الخيرات»، لا يصلح في أمور الله ( رو 3: 7 ). ومن المنظور الإلهي لا ينجح شيء لا يتبع طريق الحق والأمانة.

وبعد هذه الحادثة لم يَعُد بيت إسحاق هو هذا البيت الهادئ السعيد، لقد خلا - وإلى الأبد - من البهجة، وما عاد أبدًا كما كان. لقد أخزَت رفقة رجلها، وتسبَّبت في عداء ابنيها. وعيسو، الذي ربما كان يحترمها حتى ذلك الوقت – ولو إلى حدٍ ما – ما عاد يكِّن لها مشاعر الاحترام بعد ذلك، وتمادى في بُعدُه وضلاله. بل وتسبَّبت في أحزان كثيرة ليعقوب المحبوب المخدوع، فقد هرب إلى خاله ليحصد هناك ما زرعه في بيت أبيه. هي نفسها حصدت ما زرعته؛ فقد صارت حياتها ثقلاً عليها ( تك 27: 46 ). ومع أنها كانت تصغر إسحاق بكثير، لكنها ماتت - بقلب كسير - قبله بسنين كثيرة أيضًا، بل إنها ماتت قبل دبورة مُرضعتها. وظل إسحاق الأعمى بمفرده ليجتر الأحزان ويُقاسي الحرمان. وبعد عشرين سنة من هذه الحادثة، عاد يعقوب من تيهانه، فوجد أباه لا زال حيًا، وعيسو تصالح معه، أما أمه المحبوبة رفقة فكانت قد ماتت!

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net