الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 11 فبراير 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الغفران والمُسامحة
يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ ( لوقا 23: 34 )
روى أحد خدام الرب هذه القصة:

عام 2002 كنت في جاكرتا للخدمة في مؤتمر لدراسة الكتاب المقدس. وفي الليلة الأولى، ذهبتُ باكرًا إلى مقر الكنيسة المُضيفة، وعرض عليَّ أحد رعاة الكنيسة أن أصحبه في جولة في أجزاء المبنى. وقد ترك لديَّ جمال المبنى انطباعًا إيجابيًا عميقًا.

ثم اصطحبني الخادم إلى قاعة الاجتماع السفلي، وكان في مُقدّمة القاعة منبر وطاولة للاشتراك في عشاء الرب، وراءها جدار إسمنتي مُسطح، تُرك بغير طلاء، رغم أن عليه آثار حريق قديم. ومُعلَّق على هذا الحائط صليب خشبي، وتحت الصليب كلمات باللغة الإندونيسية. ولما سألته عما هو مكتوب، فاجأني باقتباس كلام الرب يسوع المسيح على الصليب: «يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون».

وسألته هل الآية مكتوبة لسبب خاص، فقال إنه قبل بضع سنين حصل في المدينة شغَب إرهابي خطير، حتى إنه في يومٍ واحدٍ أُحرقت إحدى وعشرون كنيسة إحراقًا سوَّاها بالأرض، وكان ذلك الجدار كلَّ ما بقيَ من مبناهم السابق، وهو أوَّل مبنى كنسي تمَّ إضرام النار فيه. وهكذا شكَّل الجدار والآية تذكيرًا بالغفران والحنِّو الذي أبداه المسيح على الصليب، وغَدَت تلك رسالة الكنيسة إلى أهل المدينة. فالانتقام والمرارة لن يكونا البتَّة استجابة شافية لحقد العالم الهالك وسخطه. غير أن غفران المسيح وحنُّوه هو الردّ الشافي، تمامًا كما كان منذ ألفي سنة!

«يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» ... هذه هي العبارة الأولى التي نطق بها سَيِّدنا المعبود مِنْ على الصليب. نطق بها – تبارك اسمه – في الوقت الذي كان يقوم فيه العسكر الرومان بعملية الصلب؛ يدقون المسامير المُرعبة في يديه ورجليه. لقد كانت لحظات عذاب جسدي ونفسي أليم يفوق الوصف، ومع هذا لم ينطق بكلمة صراخ من الألم، ولا بكلمة لعن على هؤلاء المتسببين في هذا الألم المُبرح، بل بهدوء صلى لأجل قاتليه عديمي الرحمة. فيا للكمال! ويا للجمال! ويا للسمو!

إن الرقة والمحبة وهدوء النفس التي بَدَت من المسيح لهيَ صفات تناقض بكيفية عجيبة القسوة والكراهية اللتين كانتا في قاتليه، وهي تقدم لإيماننا صورة للمحبة الكاملة التي تُشرق على كل العصور وإلى الأبد.

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net