الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 22 فبراير 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الصوت المُنخَفِض الخَفِيف
وَإِذَا بِالرَّبِّ عَابِرٌ وَرِيحٌ عَظِيمَةٌ ... وَبَعْدَ الرِّيحِ زَلْزَلَةٌ .. وَبَعْدَ الزَّلْزَلَةِ نَارٌ ... وَبَعْدَ النَّارِ صَوْتٌ مُنْخَفِضٌ خَفِيفٌ ( 1ملوك 19: 11 ، 12)
قبل أن يُختَطف إيليا إلى السماء، كان عليه أن يتعلَّم درسًا مُباركًا في ”جبل الله حُوريب“؛ نفس الجبل الذي ظهر فيه ”إله المجد والنعمة“ لخادمه موسى في العُلِّيقة المُشتعلة. إن الله الذي فوق جبل سيناء – جبل الناموس – ”أجاز كل جُودَتهِ قدام موسى“، حينما طلب موسى أن يرى مجده (خر33)، الله نفسه أرسل فوق ”جبل حوريب“ نذر قوته في «ريحٌ عظيمة وشديدة»، ثم «زلزلة»، ثم «نار»، مما جعل النبي يختبئ في مغارة ليحمي نفسه من تأثير مظاهر القوة الإلهية. لكن الله نفسه لم يكن في الريح ولا في الزلزلة ولا في النار. «وبعد النار صوتٌ منخفض خفيفٌ»؛ إنه صوت نعمة الله. وبمجرَّد أن سمع النبي المرتعد ذلك ”الصوت المنخفض الخفيف“ «لفَّ وجهه بردائه وخرج ووقف في بَابِ المغارة»، ليدنو من الله.

إنه نفس الصوت الرقيق الذي يتكلَّم إلى الخاطئ التائب والمنسحق: ”لن أذكر خطاياك وتعدياتك فيما بعد“، وذلك بعد أن رفض هذا العالم المسيح وصلبه. لقد كان في شخصه المُبارك ذلك ”الصوت المنخفض الخفيف“، حينما كان «الله كان في المسيح مُصالحًا العالم لنفسهِ، غير حاسبٍ لهم خطاياهم».

لكن إيليا لم يكن يعرف نعمة الله الكاملة في المسيح، رغم أنه شعر بالجاذبية الحلوة لذلك الصوت الممتلئ بالنعمة، واقترب إلى الله بعد أن تحرَّر من الخوف. ومرة أخرى تكلَّم ذلك الصوت؛ صوت النعمة المتأنية: «ما لكَ ههُنا يا إيليا؟». ولكن وا أسفاه! لقد تحرَّر قلب إيليا من الخوف فقط، ولكن ذلك ”الصوت المنخفض الخفيف“ لم يجعله رقيقًا، ولذلك نسمع منه نفس الإجابة المُحزنة: «غِرت غيرة للرب إله الجنود ... إلخ». ما أقل ما تعلَّمه النبي! لقد استطاع أن يجعل النار تأتي من السماء على أعداء الله، لكنه لم يفهم أنه بعد النار يأتي ”الصوت المنخفض الخفيف“؛ صوت النعمة، وأن الدينونة هي عَمَل الله الغَرِيب، بينما النعمة هي عمله الذي يُسرّ به. ومن المؤسف أن القلب الطبيعي المُتدَّين في غيرته الكاذبة يُشبه قلب إيليا في هذا الموقف. وبمجرد ما تفوَّه إيليا بنفس الإجابة للمرة الثانية، أمره الرب أن يرجع في طريقه، وأن يمسح نبيًا آخر بدلاً منه. وهكذا مثل موسى، قصّر إيليا في تمجيد الله وإظهار نعمته. وأيضًا مثل موسى لم يستمر إيليا في وظيفته، بل سلَّمها إلى ”أليشع“ الذي عرف كيف يُباشر نعمة الله، ويعمل في روح هذه النعمة.

فون بوسك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net