الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 17 مايو 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
دعوة النعمة
وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ.. فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً.. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ ( تكوين 12: 1 - 3)
بعد أن ترك الله جميع الأمم ليسلكوا في طرقهم، يفرز الله لنفسه رجلاً ليكون أبًا ورأسًا للأمة المختارة. وبعد أن تعامل الله بالدينونة مع الناس في بقعة بابل، يتعامل الآن بالنعمة مع إبراهيم. هكذا كانت، وهكذا ستظل معاملات الله، وهو بحسب حكمته اللانهائية جعل الدينونة (التي هي عمله الغريب) تُعدّ الطريق فقط للاستعلان الأعظم لمحبته الفادية. فدينونة الله التي حلّت بإسرائيل آلت إلى غنى الأمم، ويمكن أن نُضيف أن دينونة العرش العظيم الأبيض ستتبعها السماوات الجديدة والأرض الجديدة التي يسكن فيها البر، وحيث سيسكن الله مع الناس. وهكذا الحال منذ القديم؛ وما حلَّ بالأمم في بقعة بابل من بلبلة للألسنة وتبديد على وجه الأرض قد تبعته دعوة الله لإبراهيم ليكون أبًا لأمة قد اختارها الله لتشهد له، ويستأمنها الله على أقواله، وتكون قناة لوصول البركة إلى كل أمم الأرض.

والارتباط بين تكوين11 وتكوين12 له مغزاه. لقد أراد الرب أن يكون له شعب خاص يدعوه بنعمته، لكن ليس إلا بعد أن تكون كل ادعاءات الإنسان الطبيعي قد رُفضت، وذلك بظهور شر الإنسان. وبتعبير آخر: ليس قبل أن يكون الإنسان قد وصل إلى مدى شروره، بعد الطوفان وبلبلة الألسنة، حتى يبدأ الله بالتعامل مع إبراهيم بالنعمة الغنية. إنها النعمة والنعمة وحدها. والنعمة المتفاضلة هي التي دَعَت إبراهيم، وهي التي تُرى وهو في حالته الطبيعية عندما ظهر له الله أولاً، ولم يكن فيه أي شيء يدعو الله لاختياره؛ لم يكن في إبراهيم أي شيء يستحق تقدير الله له، وسبب الاختيار يجب أن يُعزى دائمًا لإرادة الله، والاختيار ذاته هو بالنعمة ( رو 11: 5 )، ولأجل ذلك فهو لا يستند على أي استحقاق في المدعو، سواء في الوقت الحاضر أو في المستقبل، ولو كانت الدعوة تُبنى على استحقاق ما كانت نعمة. وعندما نقول إن دعوة الله لإبراهيم لم تكن مبنية على استحقاق فذلك واضح من كلام الوحي على لسان إشعياء: «اسمعوا لي أيها التابعون البر الطالبون الرب: انظروا إلى الصخر الذي منه قُطعتم، وإلى نُقرة الجُب التي منها حُفرتم. انظروا إلى إبراهيم أبيكم وإلى سارة التي ولدتكم. لأني دعوته وهو واحدٌ وباركته وأكثرته» ( إش 51: 1 ، 2). إن معاملات نعمة الله توجد جذورها في مسرته العليا.

إلهَ كلِّ نعمةٍ نَشْكرُ كلَّ حينْ
وَنُخْبِرُ بفَضْلِكَ وَحُبِّكَ الثمينْ

آرثر بنك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net