الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 18 مايو 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
كيف نتعامل مع الكلمة؟
أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ ( مزمور 19: 10 )
كيف كانت نظرة داود لكلمة الله؟ كانت بالنسبة له أكثر من مجرد كتاب يقرأه، فقد أعطاها الأوصاف التالية: ”ناموس الرب“، أي شريعة الرب وشهاداته، ففيها يشهد الرب لذاته «ناموس الرب كامل يرُد النفس. شهادات الرب صادقة تُصيِّر الجاهل حكيمًا» ( مز 19: 7 ). ثم ”وصايا وأمر“، فهي ليست اختيارية، بل ينبغي إطاعتها «وصايا الرب مستقيمة تُفرِّح القلب. أمرُ الرب طاهرٌ يُنير العينين» (ع8)، كما أنها هي ”خوف الرب“ أي تُنشئ مخافة الله «خوفُ الرب نقيٌّ ثابتٌ إلى الأبد» (ع9). ثم ”أحكام“ أو أقضية ـ أي مراسيم إلهية «أحكام الرب عادلة كلها» (ع9). بالإضافة لذلك كانت في عينيه أشهى من الذهب وأجود أنواعه، ولمذاقه أحلى من العسل، بل أحلى من القطر السائل من قرص الشهد «أشهى من الذهب والإبريز الكثير، وأحلى من العسل وقطر الشهاد» (ع10).

وماذا أنشأت الكلمة فيه؟ كان لها تأثير جذري على حياته. فقد جعلته يأخذ مركز العبد الخاضع «أيضًا عبدكَ يُحذَّر بها» (ع11) بل قادته لكشف كيانه أمام الرب فقال: «السهوات مَن يشعر بها؟» سؤال بلاغي إجابته: لا أحد. وقال أيضًا: «من الخطايا المُستترة أبرئني. أيضًا من المتكبرين احفظ عبدك فلا يتسلطوا عليَّ» (ع12، 13). الخطايا المستترة هي الخطايا غير المعروفة التي يسقط فيها الإنسان لسبب عدم اكتشافه لوجودها وعدم توبته عنها. أما المتكبرين فهي الخطايا التي يرتكبها صاحبها وهو على دراية بها فتستعبده. لقد قامت الكلمة بدورها العظيم واستحضرته قدام الله فاكتشف نفسه وكشف قلبه وطلب أن يتحرر من كل خطية. ثم تقدم خطوة أبعد إذ اشتهى أن تكون أفعاله بل أفكاره كلها ترضي الرب «لتكن أقوال فمي وفكر قلبي مرضيةً أمامك يا رب، صخرتي ووليِّي» (ع14).

لا شيء في كل العلوم الإنسانية يمكنه أن يتعامل مع نفس الإنسان بهذا الشكل. إن كلمة الله تخترق إلى مفرق النفس والروح. فهي ليست فقط تُميّز النفس عن الروح، بل تُميّز النفس إلى أجزاء، والروح إلى أجزاء لدرجة، أنها تصل إلى أفكار القلب ونياته. وبعملها هذا تستحضرنا كذلك إلى حضرة الله الذي «ليست خليقة غير ظاهرة قدامه، بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه أمرنا» ( عب 4: 12 ، 13). أحبائي .. لو تعاملنا مع الكلمة بشكل صحيح لقلَّت أخطائنا، وتغيَّرت حياتنا، ونضجت أذهاننا.

فريد زكي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net