الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 30 مايو 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يونان والمسيح في العاصفة
فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ فِي الْبَحْرِ ( يونان 1: 4 )فَحَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ ( مرقس 4: 37 )
يا له من اختلاف بين هاتين العاصفتين! في الأولى نرى نبي الله يونان يفكر في مركزه الشخصي أكثر من تفكيره في تحذير وخلاص البشر المُسرعين إلى الدينونة والهلاك، حتى إنه أثناء العاصفة الناتجة عن عصيانه، أسلَم نفسه وضميره للنوم. أما العاصفة الثانية فقد ذُكرت في الإنجيل الذي يصف بطريقة خاصة الخدمة الكاملة والمتواصلة لذاك «الذي إذ كان في صورة الله، لم يَحسِب خُلسَةً أن يكون مُعادلاً لله. لكنه أخلى نفسه، آخذًا صورةَ عبدٍ». فنحن نرى هنا أعظم جميع الأنبياء، الذي ستر صورة الله تحت صورة العبد، وحجب أمجاد لاهوته في حجاب ناسوته، وأتى إلى العالم؛ مكان الخطية والبؤس والموت والدينونة، لكي يُحذر الخطاة العصاة ليهربوا من الغضب الآتي، ولكي يُريهم الطريق الوحيد للخلاص، بالإيمان بشخصه، قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي». كانت خدمته في الأرض خدمة متواصلة، وكانت أعماله كثيرة حتى إن التلميذ الذي كان يتكئ في حضنه، وصف هذه الأعمال بأنها «إن كُتبت واحدة واحدة، فلستُ أظن أن العالم نفسه يَسَع الكتب المكتوبة» ( يو 21: 25 ).

لقد أوشك يوم آخر من أيام خدمة محبته التي لا تكلّ في طريق الطاعة والبر أن ينتهي، فأمر تلاميذه أن يجتازوا إلى الجانب الآخر من البحيرة. لقد صرفوا الجمع الذي كان يُحيط به، وتحرّكت السفينة بحملها الثمين إلى الشاطئ الآخر. لكن الشيطان ”رئيس سلطان الهواء“ عرف أيضًا ما تحمله هذه السفينة الصغيرة، لذا فهو يحاول أن يُغرقها بالذين عليها، لأنهم مكروهون جدًا لديه. كانت هذه العاصفة مُغايرة تمامًا لتلك التي أرسلها الله في حالة يونان؛ فهي لم تأتِ من الله، بل من الشيطان بسماح من الله، وذلك لمجد ابنه ولامتحان التلاميذ.

نعم. يا له من اختلاف بين هاتين العاصفتين! في الأولى نرى نبي الله يونان، تابعًا لإرادته الخاصة، وهو نائم نومًا عميقًا دون اكتراث وسط العاصفة التي أتت نتيجة لعصيانه. أما في الثانية فنرى ابن الله المُطيع؛ أكثر الخدام اتضاعًا وأكثرهم استعدادًا، وسط الريح العاصفة نائمًا على وسادة في مؤخر السفينة، بينما الأمواج الهائجة تضرب السفينة وتملأها بالمياه، مُهددة إيّاها في كل لحظة بالغَرَق. لكن كان في تلك السفينة مَن هو أعظم مِن يونان.

فون بوسك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net