لمَّا جاء موسى بالشعب قرب حدود أرض كنعان، ابتدأ يُجَهِّزهم لدخول الأرض، ويُخبرهم عن الحياة اللائقة بشعب مفدي، فقال للشعب: «تتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب إلهك ... لكي يُذِلك ويُجرِّبك ... فأذلك وأجاعك وأطعمك المَن ... ليُعلِّمك أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان» ( تث 8: 2 ، 3). لاحظ عبارة «ليعلِّمك»، فالهدف من كل ما سمح به الرب أن يجوزوا فيه في البرية كان ليُعلِّمهم دروسًا نافعة. كان اهتمامهم وتذمرهم في معظمه بسبب الطعام؛ ولكن الرب أراد أن يعلمهم الاتكال عليه، لا على الموارد الأرضية. وهذا درس نافع لنا نحن أيضًا. ثم ذكّرهم بعناية الرب بهم إذ قال: «ثيابك لم تبلَ عليكَ، ورجلُكَ لم تتورَّم هذه الأربعين سنة. فاعلم في قلبك أنه كما يؤدب الإنسان ابنه قد أدَّبك الرب إلهك» (ع4، 5). فنرى أن معاملات الرب كانت ليُعلِّمهم دروسًا نافعة، ولكي ما يُهيئهُم إلى ما أعدَّه لهم في المستقبل من بركات وخيرات كثيرة «لأن الرب إلهَك آتٍ بكَ إلى أرض جيدة» (ع7).
عندما يسمح الرب أحيانًا أن نجوز في ظروف صعبة، فيذلنا، أي يُعلّمنا التواضع، فذلك لفائدتنا لكي يعلِّمنا أن نضع ثقتنا فيه هو لا في ذواتنا. في مزمور 119 نقرأ: «قبل أن أُذلَّل أنا ضللت، أما الآن فحفظت قولك ... خيرٌ لي أني تذللت لكي أتعلَّم فرائضك ... قد علمت يا رب أن أحكامك عدلٌ، وبالحق أذللتني» (ع67، 71، 75). نعم قد نجوز في ظروف صعبة نشعر فيها بالذل، لكن لنتذكر ما جاء في مراثي إرميا 3: 31- 33 «لأن السيد لا يرفض إلى الأبد. فإنه ولو أحزن يرحم حسب كثرة مراحِمِهِ. لأنه لا يُذل من قلبه، ولا يُحزن بني الإنسان». إذا تعلَّمنا الدروس النافعة من تعامل الرب معنا، فإننا سنقول مع كاتب الترنيمة: