كيف نعرف أن الكتاب المقدس هو كلمة الله؟ وجوابنا عن السؤال بسيط جدًا وهو: أن الذي أعطانا كتابه المبارك هو الذي يعطينا اليقين بأن هذا الكتاب منه. الروح القدس الذي أوحى بالأسفار المقدسة هو الذي يجعلنا نعرف أن تلك الأسفار هي صوت الله ذاته.
«نحن لم نأخذ روح العالم، بل الروح الذي من الله، لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله» ( 1كو 2: 12). هذه أمور لا تُشرَح ولكنها حقيقة عميقة يختبرها المؤمن.
إن أي شك في هذا الأمر العظيم يسبب عذابًا وشقاءً أليمًا، لكن مَن يستطيع أن يعطينا اليقين؟ الله وحده. لو أن كل الناس الذين على الأرض يتفقون في شهاداتهم لسلطة الوحي المقدس. لو أن كل المجامع التي اجتمعت، وكل العلماء، كانوا في جانب كمال الوحي، وبالجملة لو أن كل الإجماع البشري كان في جانب صحة كلمة الله فإن ذلك لا يكفي إطلاقًا أن يكون أساسا لليقين. الله وحده هو الذي يستطيع أن يعطينا اليقين بأنه قد تكلم في كلمته. وتبارك اسمه لأنه يعطينا اليقين فعلاً، حينئذ تكون كل مجادلات وكل سخافات المُلحدين قديمًا وحديثًا كالبخار الذي سرعان ما يضمحل. والمؤمن الحقيقي يرفضها كشيءٍ تافه، ويستريح في هدوء مقدس على ذلك الإعلان الثمين الذي أعطاه إلهنا بنعمته لنا ـ الكتاب المقدس ـ كلمة الله.
ومن الأهمية أيضًا أن نثق بأن الوحي قد أُعطيَ لنا من الله، كامل ولا يحتاج إلي أية إضافة من البشر. إنه يتكلم عن نفسه، ويحمل أدلته في داخله، وكل ما علينا هو أن نصدقه ونطيعه لا أن نُجادل فيه. الله قد تكلم فواجبنا أن نصغي وننحني طاعةً وخشوعًا.
المصيبة في أيامنا الحاضرة أن كثيرين من المسيحيين بالاسم يدَّعون أنه من حقهم أن يفكروا لأنفسهم في محتويات الكتاب المقدس، وأن يتبعوا حُجتهم الخاصة وتقديرهم الخاص، ولا يصدقون أن الكتاب المقدس مرشد إلهي للجميع، بل يظنون أننا متروكون لأن نختار منه لأنفسنا ما يناسبنا. وما هو العلاج الإلهي لهذا الدَاء المنتشر؟ العلاج هو الخضوع المُطلق لسلطان الوحي المقدس، ليحصلوا على فكر الله في كل شيء ويحنون كيانهم الأدبي للسلطان الإلهي. هذه هي الحاجة الوحيدة الماسة للوقت الذي وقعت فيه قرعتنا. «إلى هذا أنظر؛ إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي» ( إش 66: 2).