الدينونة عمل خاص بالله وحده ( تك 18: 25 ( يو 5: 22 ، 5؛ 96: 13؛ عب12: 23)، لكن إنجيل يوحنا يوضح لنا أن «الآب لا يدين أحدًا، بل قد أعطى كل الدينونة للابن» ( أع 1: 7 ). وكلمة «أَعطى» لا تعني أن الآب الذي أَعْطَى هو أعلى من الابن؟ حاشا. لأن في أقانيم اللاهوت ليس هناك أسمى وأدنى. فنظرًا لاتحادهم في الجوهر فإنهم متساوون في القوة والسلطان، لكن مع مساواتهم هذه فإن هناك تميّزًا بين عملهم. فهناك أعمال هي من اختصاص الآب دون سواه ( أف 2: 4 ؛ مر13: 32)، وأعمالاً أخرى هي من اختصاص الابن وحده (مثل الدينونة التي نتحدث عنها). كما أن هناك أعمالاً هي من اختصاص كل الأقانيم معًا مثل الإحياء. فالآب يُحيي وكذلك الابن وكذلك الروح القدس (أف2: 4، 5؛ يو5: 21؛ 6: 63).
إذًا فإعطاء الآب الدينونة للابن يعني ببساطة أن هناك تعيينًا أزليًا بين أقانيم اللاهوت بأن يختص الابن وحده بكل الدينونة.
إن الله هو الخالق، لكن الذي أجرى عملية الخلق كان هو الابن؛ الكلمة. كذلك بالنسبة للدينونة، فالله هو الديان، لكن الأقنوم المختص بالدينونة هو الابن. فالكلمة هو الأقنوم المُعبِّر عن الله: عبَّر في الخليقة عن قوة الله ومجده، وعبَّر في الفداء عن محبة الله وبره، وسيُعبِّر في الدينونة عن قداسة الله وعدله وغضبه.
والمسيح سوف يدين لا باعتباره ابن الله، مع أنه هو كذلك، بل باعتباره ابن الإنسان. لقد أنكروا على المسيح لاهوته وأنه ابن الله، واحتقروه وتطاولوا عليه لأنه في نظرهم ليس أكثر من ابن إنسان. حسنًا، فليعلموا إذًا أنه كابن الإنسان سوف يدين «وأعطاهُ سلطانًا أن يدين أيضًا، لأنه ابن الإنسان» ( يو 5: 27 ). وكل الدينونة سواء للأحياء أو الأموات قد أُعطيت له «لكي يُكرم الجميع الابن كما يُكرمون الآب» ( يو 5: 23 ).
«الجميع» ... هذه الكلمة تشمل المؤمنين وغير المؤمنين على السواء. فجميع البشر سوف يُكرمون الابن بطريقة أو بأخرى؛ إما بإيمانهم به الآن، أو بدينونتهم منه فيما بعد. والمسيح إما أن يُحيي أو يدين؛ مَن يؤمن به ينال الحياة الأبدية، ومَن لم يؤمن يُدَن.