الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 19 أغسطس 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الاعتراف بالخطأ
الرَّبَّ غَضِبَ عَليَّ ... قَال لِي ... انْظُرْ بِعَيْنَيْكَ، لكِنْ لا تَعْبُرُ ... وَأَمَّا يَشُوعُ فَأَوْصِهِ وَشَدِّدْهُ وَشَجِّعْهُ ( تثنية 3: 26 - 28)
يستصعب البعض منا أن يعترف أمام إخوته بعمل أتاه يؤاخَذ عليه، أو كلمة قالها في غير موضعها، وذلك لأننا حريصون على كرامتنا وميَّالون لأن نحتفظ بمركزنا، ومع ذلك يسهل علينا أن نسلِّم ونعترف بعبارات عامة بضعفنا وفقرنا، ونقول مرارًا بأننا جُبلة مُعرَّضة للخطأ، ولو تُركنا لذواتنا لوصلنا إلى أحط مستوى ممكن. كل ذلك يسهل علينا ترداده لأنه اعتراف مُطلق عام، ولكنه يختلف كل الاختلاف عن الاعتراف الصريح بارتكاب خطأ مُعيَّن في مسألة مُعيَّنة. قليلون هم الذين لا يحجمون عن الاعتراف الصريح عند الخطأ، لكن كثيرين يعز عليهم جدًا الاعتراف بالخطأ، ولكن موسى لم يكن من عِداد هؤلاء الكثيرين، فهو بالرغم من مركزه العظيم الممتاز كخادم الرب الموثوق به، وكقائد الجماعة التي هزت عصاه جميع أرض مصر، لم يخجل من وقوفه أمام الجماعة كلها، ليعترف بالخطأ الذي وقع فيه، ويُقرّ بأنه تكلَّم بما لا ينبغي، وفرَّطت شفتاه بما لا يليق، وأنه توسل والتمس طلبه، ولكنه لم يُجب إلى مُلتَمسه.

وهل هذا مما يحط من قدر موسى في نظرنا؟ كلا. فالأمر بالعكس، لأن هذا مما يعلي قدْره جدًا. وأي شيء من الوجهة الأدبية ألَّذ من سماع اعترافه، ومن رؤيته وهو يحني هامته بكل خضوع واحترام لمعاملات الله وأحكامه، ومن تتبع تصرفه الدال على عدم الأنانية قِبَل الرجل الذي سيخلفه في وظيفته السامية؟ فلم يكن في تصرفه أثر للغيرة أو الحسد، ولا مجال للكبرياء والغطرسة. وقد نزل وهو مفرَّغ من ذاته عن مقامه السامي، وتقدَّم نحو يشوع، وطرح رداءه على كتف خلفه، وشجعه على القيام بمهمته المقدسة، وجرَّأه على قبول هذه الوظيفة السامية التي كان على وشك أن يعتزلها.

قال المسيح: إن «كُل مَن يضع نفسه يرتفع» ( لو 14: 11 )، وقد صدَق ذلك على موسى تمامًا، فقد تواضع تحت يد الله القوية، وقَبِلَ حكم التأديب المقدس الذي نطق به قضاء الله العادل، ولم تنطق شفتاه بكلمة أنين أو تذمر وقت أن رفض الله مُلتمَسه، بل خضع تمامًا وتواضع إلى النهاية، ولذلك رفّعه الله في حينه. وإن كان قضاء الله حتم عليه أن لا يعبر الأردن ليدخل أرض كنعان، ولكن النعمة قادته إلى رأس الفسجة، وفي حضرة الله رأى الأرض الجيدة بمسطحها الكامل حسبما أُعطيت من الله لا حسبما ورثها إسرائيل فعلاً.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net