الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 15 سبتمبر 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مياه غامرة
قَدِ اكْتَنَفَتْنِي مِيَاهٌ إِلَى النَّفْسِ. أَحَاطَ بِي غَمْرٌ. الْتَفَّ عُشْبُ الْبَحْرِ بِرَأْسِي ( يونان 2: 5 )
كانت بالحقيقة عميقة جدًا تلك المياه التي غاص فيها يونان النبي حينما ”اكتنفته مياهٌ إلى النفس. أحاطَ به غمرٌ. التفَّ عُشبُ البحر برأسهِ“. لكن كانت أكثر عمقًا بما لا يُقاس مياه الموت التي اجتاز فيها ابن الله المُطيع حينما كان يتحمَّل قصاص خطايانا وعصياننا. كان لسان حاله: «غَمرٌ ينادي غمرًا عند صوتِ ميازيبك» ( مز 42: 7 )، وذلك ليس فقط عندما أحاطت به أمواج الموت، ولكن حينما طَمَت فوقه كل تيارات ولجج غضب الله.

كانت ضيقة نفس يونان عظيمة وهو في جوف الحوت محرومًا من كل معونة بشرية حيث ”صرخ من جوف الهاوية“ إلى الله. لكن ما هذه الآلام التي كان يستحقها إذا قورنت بتلك الآلام التي جاز فيها المسيح على خشبة الصليب ولم يكن يستحقها، بل هي استحقاقنا نحن، والتي صرخ بسببها قائلاً: «إلهي، إلهي، لماذا تركتني، بعيدًا عن خلاصي، عن كلام زفيري؟». لقد تُرك – له المجد – ليس فقط من كل تلاميذه الذين سمَّاهم ”أحباء“، بل تُرك أيضًا من الله، بينما أحاط به في الوقت نفسه ”جماعةٌ من الأشرار“ حيث انطلقت ضده كل أحقاد وعداوة الشيطان والناس. لقد انهالت عليه كل السهام المسمومة التي في جُعبة الشيطان الملآنة، كما استخدم الشيطان كل الأسلحة التي عنده ضد ذلك الشخص المبارك القدوس، الذي جعله الله خطية لأجل كل مَن يؤمن به حاملاً خطاياهم وماحيًا إياها إلى الأبد.

وإذا قارنا بين وضع يونان في جوف الحوت، وموقف ربنا ومُخلّصنا يسوع المسيح على الصليب. نجد أنه نتيجة عصياننا دخل إلى تلك ”المياه العميقة“ التي هي أعمق وأكثر رُعبًا بما لا يُقاس من تلك التي وصل إليها يونان نتيجة لعصيانه. إن ذاك الذي بكلمته القوية أنقذ يونان من جوف الحوت حينما جاءت إليه صلاة يونان وصعدت إليه صرخته من العُمق، هو نفسه وجَّه صلاته إلى الله لكي يخلّصه ”ومن قرون بقر الوحش استجاب له“؛ «الذي في أيام جسده، إذ قدَّم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلِّصَهُ من الموت، وسُمع له من أجل تقواه» ( عب 5: 7 ). إن ذاك الذي «صُلِبَ مِن ضعف»، هو «حيٌّ بِقوة اللهِ» ( 2كو 13: 4 ). لقد مالَ إليه الله وسمع صراخه ”وأصعده من جُب الهلاك، من طين الحمأة، وأقام على صخرةٍ رجليهِ. ثبَّت خطواته“ ( مز 40: 1 ، 2).

فون بوسك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net