اتصل أحد خدام الإنجيل بواحد من المؤمنين في قرية من صعيد مصر ليُخبرهم أنه ينوي أن يزورهم ليخدم بينهم لبضعة أيام. فجاء الجواب أن هذا الوقت بالتحديد هو موسم حصاد القطن والجميع يعملون. ويا حبذا لو كانت الزيارة في وقت آخر يُتيح الفرصة للأكثرين أن ينتفعوا من زيارة خادم الرب لقريتهم الصغيرة. لقد كان الموسم هو أيام الحصاد. كل فرد في العائلة يشترك بدوره في وقت الحصاد. إنها فرصة للعمل يُرزَق فيها المجتهدين من كل الأعمار.
أَ ليس الأمر هكذا في عمل الله، المؤمن اليَقظ والعاقل هو الذي يعمل ما دام نهار. ولنلاحظ أن الحكيم في أمثال10: 5 يتكلَّم عن «ابن عاقل»، «ابن مُخزِ»، وليس عن ”عامل“. ألا يذكِّرنا ذلك أننا نعمل في حقل أبينا السماوي، حيث كل العاملين من عائلة الله. الفرصة متاحة لكل أولاد الله، رجالاً أو نساء، أن يُشاركوا في عمل الله العظيم، بخدمة علَنية أو في الخفاء، كبيرة أو صغيرة، ليست العِبرَة بحجم الدور الذي يعمله كل واحد، بل بالطاعة للرب. ويا لخزي النائم في مواسم الحصاد! ويا لخزي الجندي الهارب من الجهاد! ويا لخزي المؤمن الذي يبتغي الرفاهية ويفضَّل دوائر الراحة عن التعب في خدمه الرب! طوبى لمَن يرفع عينيه ليرى الحقول التي ابيَّضت للحصاد، فيلتهب قلبه ويجاهد في الصلاة، ويكون رهن إشارة رب الحصاد، ليعمل معه قبل فوات الأوان.
أخي الحبيب: قُم بالعمل حتى إن بَدا صغيرًا. لا تحتقر العمل الضئيل. واجتهد في خدمتك فالموسم قصير، وافتدي الوقت فالعمر سرعان ما ينقضي، وربما لا تعود الفرصة إن ضاعت. هيا احمل نير الرب، فنيره هَيِّن وحمله خفيف، ففي الأتعاب نتقوى بنعمته، وفي الآلام تسندنا رحمته، لذا كل تضحية من أجله تهون. احتمل بصبر في ضوء الأبدية، فالأجر كثير، وكل تعب في الرب ليس باطلاً «إذًا يا إخوتي الأحباء، كونوا راسخين، غير متزعزعين، مُكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب» ( 1كو 15: 58 ).