”عم إبراهيم“ رجلٌ بسيط، يأتي إلى المدرسة - التي كنت أعمل فيها - قبل الجميع وينصرف آخرهم. كان سخيًا لو قصدناه لشراء شيء من الأشياء، كما كان يساعد المدرسين والمدرسات الجُدد عند إجراء تجارب الكيمياء والفيزباء في معمل العلوم. أما مشكلة ”عم إبراهيم“ الكبرى كانت لسانه. فبالرغم من أنه يتمتع بصفات كثيرة طيبة إلا أنه كان سيئ الطباع، وكثير السباب، ومُرّ الجواب. ولولا هذا لترشح لجائزة العامل المثالي في المدرسة.
وذات مرة تحدثت معه عن شخص المسيح الذي يغير قلب ولسان مَن يؤمن به ويقبله كرب ومخلِّص من الخطية وسلطانها، وبذلك ينضم لفريق المؤمنين المُخلَّصين بدم المسيح، ويكون واحدًا من الأبرار، ويترك همّ وشر الأشرار. وهكذا أردت أن أربحه للمسيح، وتحدثت معه عن السماء وعن جهنم. كان الكلام بسيطًا للغاية، وبعد أكثر من نصف ساعة من الحديث عن الطريقين والمصيرين الأبديين، توجهت إليه بسؤال بسيط ومُحدد، فقلت له: يا ”عم إبراهيم“ تحب تروح فين؟ السماء مع المؤمنين، أم الجحيم مع الشياطين؟ لم يجب الرجل، لكنه هرش في رأسه، فظننت أنه يفكر. ثم طرحت السؤال بطريقة أخرى: هل تريد أن تذهب إلى السماء حيث بيت الآب أم إلى هاوية العذاب؟ فرفع العمامة التي كانت فوق رأسه وراح يفكر ويفكر، فاستعجلته قائلاً: أرجوك خذ قرار يا عم إبراهيم، وبسرعة قبل أن يدق جرس المدرسة. فلبس العمامة بطريقة مائلة وقال لي: أنت عايز الحق يا أستاذ؟ فقلت له: نعم من فضلك. فقال عم ابراهيم: الحقيقة أنا عايز أروح ليبيا!!
صديقي وصديقتي: قد تكون الإجابة مضحكة وطريفة، لكن في الواقع هي خطيرة ومُخيفة!
يقول الرسول بولس عن هذا الفريق الذي يسلك كما يسلك سائر الأمم ببُطل ذهنهم إنهم «هم مُظلِموا الفكر، ومُتجنبون عن حياة الله لسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم» ( أف 4: 18 ).
عزيزي .. إنها خطية الجهل وظلام الفكر والقلب، التي تحرم الكثيرين من نور المسيح. فالسماء حقيقة وجهنم حقيقة، فهل لا زلت تُقامر وتتجاهل هذه الحقيقة!!