الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 23 يناير 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
نيقوديموس الذي جاء ليلاً
الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ ( يوحنا 3: 3 )
جاء نيقوديموس إلى الرب ليلاً، ولسنا نرتاب في أن روح الله كان ”يرف عليه“ إيذانًا ببروز خليقة جديدة، وابتدأ عمل إلهي في ضميره فشعر باحتياجه أن يقترب إلى يسوع. لقد تأثر كغيره بالآيات التي صنعها يسوع ( يو 2: 23 )، ولكن حصل فيه شيء أكثر مِن التأثر العقلي، فاشتهى أن يتقابل مع الرب يسوع، فجاء إليه ليلاً.

وفي حديثه نراه يُقّر بثلاثة أمور تُبرهن على عظمة الرب يسوع: (1) أنه من الله قد أتي. (2) وهو يصنع آيات لا يقدر أحد أن يعملها. (3) الله معه. ولست أرتاب في أن هذه اللغة ليست إلا برهانًا على أن الرجل كان في طريقه إلى عملية ”الإحياء“. هي لغة مَنْ ابتدأ الروح القدس يحوم حوله ليُقبل إلى الله. وكل هذه الأقوال المجيدة كانت فاتحة الحوار العظيم الذي بدأه السَيِّد له المجد.

غير أنه – له المجد – وهو الذي «عَلِمَ ما كان في الإنسان» ( يو 2: 25 )، لم يُسايره في منطقه، بل حوَّل اهتمامه إلى حاجته الحقيقية. وكأن الرب يقول له: ”إن رغبتك في أن تتعلَّم لا يمكن إلا بأن تعدِّل حاجتك إلى شيء أهم؛ إلى مصيرك الأبدي، إلى إشباع نفسك الجائعة، وليس لإشباع ذهنك الطبيعي المرفوض“. إننا نحتاج أولاً إلى الحياة الروحية ثم بعد ذلك إلى التعليم.

إن الإنسان العادي يصفه الكتاب بهذا الوصف ”إنسان طبيعي“. وهو ”طبيعي“ أي ينقاد بإرادته الإنسانية، وغير خاضع لمشيئة الله. ومكتوب عنه «من البطن سُمِّيتَ عاصيًا» ( إش 48: 8 )، فلا تهذيب يُجدي معه، ولا علاج لحالته مِن الخارج، بل وإن يرغب في الحياة الجديرة بأن تكون حياة، فلا بد من ولادة جديدة.

ولا يفوتني أن أقف موقف التقدير والإكرام لسيِّدنا له المجد. فهو لم يشأ أن يوجه حديثًا مُباشرًا، كأن يقول لهذا الزائر ليلاً: ”إن كنت لم تُولد من جديد“، بل «إن كان أحدٌ لا يولد من فوق» - وفي ترجمة أدق: ”إن كان أحد لا يُولد مِن جديد“ أو كما نقول بلغتنا الدارجة: ”مِن أول وجديد“ - «لا يقدر أن يرى ملكوت الله». إن سَيِّدنا الكُلي الحكمة، بل الذي هو الحكمة مُجسَّمة، يقدر أن يصل إلى دروب النفس. وها هو – له المجد – يقود نيقوديموس إلى الحق خطوة خطوة.

أديب يسى
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net