الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 21 نوفمبر 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
النعمة واستحقاق الإنسان
فَخَرَجَ يَعْقُوبُ .. وَصَادَفَ مَكَانًا وَبَاتَ هُنَاكَ .. وَأَخَذَ مِنْ حِجَارَةِ الْمَكَانِ وَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَاضْطَجَعَ ( تكوين 28: 10 ، 11)
في تكوين 28: 10-15 نرى نعمة الله العجيبة التي تجد سرورها في اختيار أهدافها مِن بين أكثر الناس افتقارًا للاستحقاق. فنرى هنا يعقوب هاربًا مِن بيت أبيه، ومِن غضب أخيه، وربما لم تكن في ذهنه أية أفكار عن الله في ذلك الوقت. وإذ نراه يرقد فوق أرض البرية الجرداء، ويأخذ مِن حجارة المكان ويضعها تحت رأسه، ويلتحف بظلمة الليل، ويستسلم للنوم، نرى فيه صورة مُثيرة وحقيقية للإنسان في حالته الطبيعية. ولا يُمكننا أن نرى الإنسان في ذروة العجز مثلما يكون وهو نائم؛ والنوم صورة للموت. وبينما كان يعقوب في هذه الحالة ظهر له الرب في حلم الليل.

فما الذي كان يعقوب قد فعله ليستحق هذا الإكرام الإلهي؟! وماذا كان فيه يستحق هذا التنازل العجيب؟! لا شيء! ... لا شيء البتة! لكن الله في نعمته قد تراءى له للمرة الأولى، وأعطاه وعدًا أن يرث نسله الأرض التي كان ينام عليها. وهذه هي طريقة الله دائمًا. إنه يُسره أن يختار أدنياء العالم والمزدرى وغير الموجود؛ يختار الذين ليس لهم شيء، ليُعطيهم كل شيء. وينتخب الذين لا يستحقون شيئًا إلا الدينونة، ولا يُعطيهم شيئًا إلا البركة. ولكن لنلاحظ أن هذا الذي يُريد أن ينال مثل هذا الإحسان الإلهي، عليه أولاً أن يتضع في التراب كما فعل يعقوب هنا، قبل أن يأخذ بركة مِن الرب.

وفي أي صورة أظهر الرب ذاته ليعقوب؟ لقد أبصر يعقوب في حلمه سُلَّمًا منصُوبةً على الأرض ورأسها يَمَسُّ السماء، وملاَئكةَ اللهِ صاعدةً ونازلةً عليها، ومن هناك سمع صوت الرب يتكلَّم إليه. وشكرًا لله أننا لم نُتْرَك للتخمين أو للاقتراحات لمحاولة معرفة مدلول السلَّم. فما جاء في يوحنا 1: 51 يُعطي التفسير؛ فقد قال الرب في حديثه إلى نثنائيل: «الحق الحق أقول لكم: من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان». فالسلَّم إذًا تُشير إلى المسيح نفسه الذي وحده استطاع أن يسد الفجوة التي تفصل السماء عن الأرض، والذي به صار لنا الطريق المفتوح للاقتراب إلى الله. إنه هو الذي ربط بين الأرض والسماء، وأعلن عن استعداد نعمة الله لقبول الخطاة الراجعين إليه. كانت السُلَّم منصوبة حيث رقد الطريد الهارب المُنفرد، وعلى رأس السُلَّم كان الرب نفسه يتكلَّم ليعقوب.

آرثر بنك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net