الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 9 نوفمبر 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الطمأنينة المثلثة
لأَنَّكَ أَنْتَ جَذَبْتَنِي مِنَ الْبَطْنِ. جَعَلْتَنِي مُطْمَئِنًّا.. عَلَيْكَ أُلْقِيتُ مِنَ الرَّحِمِ. مِنْ بَطْنِ أُمِّي أَنْتَ إِلَهِي ( مزمور 22: 9 ، 10)
ربما لم يكن للمطوَّبة العذراء مريم، نظرًا لفقرها الشديد، وتغربها في بيت لحم، بعيدًا عن مدينتها الناصرة، حيث لا صديقات لها أو معارف، نقول ربما لم يكن لها قابلة تساعدها في الولادة، وتتلقى المولود عندما يخرج من البطن. لكن ها المسيح يقول لله: «لأنكَ أنت جذبتني من البطن ... عليكَ أُلقيت من الرَّحم»!

يُضيف المسيح قائلاً: «جعلتني مُطمئنًا على ثديي أُمي». ولعل الصبي الصغير يسوع أحس بشعور الفزع الذي انتاب كل من يوسف النجار والمطوَّبة مريم عند هروبهما به إلى مصر. أما هو فكان له في أثناء ذلك شعور مختلف، فيقول هنا: «جعلتني مطمئنًا على ثديي أُمي»!

ويلذ لنا أن نُشير إلى طابع الطمأنينة المثلثة التي ميَّزت كل مسيرة ذلك المتكل الأعظم، من بدايتها وحتى نهايتها، كما ورَد في المزامير4، 16، 22.

في البداية، وهو صبي صغير مُطارد من ملك شرير ودموي؛ كان مطمئنًا على ثديي أمه. ثم على طول الرحلة، أمام تقلبات الحياة وظروفها الصعبة كما نقرأ في مزمور4: 8 نجد نوم الطمأنينة في وسط الخوف العظيم، وهو ما نرى عيِّنة له في نوم المسيح وسط البحر الهائج في السفينة الصغيرة ( مر 4:  38). وأخيرًا في مزمور16 نجده أمام مشهد الموت ”ملك الأهوال“ يمضي بثقة بل وبفرح، وحتى جسده كان سيسكن مطمئنًا، لأن الرب لن يترك نفسه في الهاوية ولن يَدَع قدوسه يرى فسادًا.

والمسيح فريد في كل شيء وليس له نظير. فهو ليس مثل البشر ولا حتى مثل أبطال الإيمان، إنه رئيس الإيمان ومُكَمِّله. فلقد كان موسى مثلاً أحلم جميع الناس الذين كانوا على وجه الأرض ( عد 12:  3)، لكنه في يوم بليته طلب الموت ( عد 11:  15). ومكتوب أنهم «أمَرُّوا رُوحه حتى فرَطَ بشفتيهِ» ( مز 106:  33). ونفس الشيء حصل من أيوب رغم قول الوحي: «قد سمعتم بصبر أيوب» ( يع 5:  11). لكن عندما اشتَّدت عليه التجربة فتح فمه وسبَّ يومه، وقال: «ليتَهُ هلَكَ اليوم الذي وُلدتُ فيهِ .. لِمَ لَم أمُت من الرَّحم؟ عندما خرجت من البطن، لِمَ لم أُسلِم الروح؟» ( أي 3: 1 -11)، وهكذا فعل إرميا أيضًا ( إر 20:  14-18). أما المسيح ففي يوم الصلب العصيب ويوم الجلجثة الرهيب يقول للرب: «من بطن أُمي أنتَ إلهي». فما أروعه!!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net