الحمى مرض يصيب الإنسان، نظرًا لرفض الجسم لأشياء غريبة وسامة، الأمر الذي ينتج عنه ارتفاع في درجة حرارة الجسم أثناء محاولته إيقاف تأثير هذه السموم. وإذ تتجاوز حرارة الجسم معدلها الطبيعي يحدث ارتباك في أجهزة الجسم، ويشعر المريض بالإعياء والإنهاك وعدم الراحة، ويزداد شعوره بالعطش. فإذا اشتدت الحمى أكثر، يدخل المريض في حالة اللاوعي، ويصعب أن يذهب إلى الطبيب، بل يلزم أن الطبيب هو الذي يأتي إليه. يا لها من صورة صادقة للخطية، وما تسببه من تعب حاضرًا وأبديًا!
لماذا وجه الرب نداءه للمتعبين لكي يأتوا إليه فيريحهم؟ أ ليس لأن الخطية مثل الحُمى تصيب صاحبها بالتعب؟ فهو لا يرتاح إذا لم يعمل الخطية، ولا يرتاح إذا عملها. وتنتظره أبدية لن يكون فيها راحة نهارًا وليلاً ( رؤ 14: 11 ).
ومرتكب الخطية لا يرتوي أبدًا. وليس فقط هو هنا دائم الإحساس بالعطش، بل وينتظره بعد الموت لهيب أقسى يطلب فيه قطرة ماء لتبريد لسانه، فلا يُجاب طلبه ( لو 16: 24 ).
والخطية ألا تصيب صاحبها بالهذيان كالحمى؟ أ لم نسمع كثيرًا خاطئًا يتكلَم باستخفاف عن الأبدية والمخلِّص؟ إن صاحبنا هذا قد أخذته حمى شديدة فدخل في حالة اللاوعي.
والعلاج من الحمى اليوم، ومع تقدم الطب الهائل، يحتاج إلى أسابيع وربما شهور، بعدها تبدأ الحمى في الاختفاء بالتدريج تاركة المريض مُنهكًا. أما طبيبنا العظيم، فإن «قدامه ذهب الوبأ، وعند رجليه خرجت الحمى» ( حب 3: 5 )! لقد انتهر الحمى. إنه لم ينتهر المرأة المريضة، بالعكس لقد أمسك بيدها، لكنه انتهر الحمى. فالرب الذي يكره الخطية يحب الخاطئ. لقد دَانَ الله ”الخطية في الجسد“ ( رو 8: 4 )، لكنه لا يُسرّ بأن يدين الخاطئ، بل يريد أن جميع الناس يخلصون!
وفي الحال قامت حماة بطرس «وصارت تخدمهم». لقد أعطاها الرب الصحة والقوة، فاستخدمتها في خدمة الرب الذي أقامها، وفي خدمة تلاميذه. ويا له من درس هام لنا. لقد خدمها هو أولاً، فخدمته هي في الحال!.