الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 27 مارس 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إسحاق الطائع
وَقَالَتْ سَارَةُ: قَدْ صَنَعَ إِلَيَّ اللهُ ضِحْكًا. كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ يَضْحَكُ لِي ( تكوين 21: 6 )
يُمثل إسحاق بحسب ظروف ولادته ونَسَبه، أبناء عهد النعمة، لكن بحسب صفاته وتاريخ حياته هو رمز للمسيح، حسب مفهوم عبارة «أطاعَ حتى الموت موت الصليب»، وأيضًا حسب مفهوم النتائج التي ترتبت على ذلك بالقيامة.

وإذا كانت صفات إسحاق يُميزها الصبر والهدوء والطاعة، كان لا بد أن يُلاقي إسحاق قدرًا كبيرًا من احتقار العالم. وهو لم يُولد بعد، قوبل وعد مولده بالضحك من تلك التي ستكون أمه؟ وفي طفولته اُضطُهد من ابن الجارية؛ النسل الجسدي. والحقيقة هي أن اسمه يبدو أنه لا يعني فقط ”ضحك“ الرضا والابتهاج من جانب الإيمان، بل أيضًا يعني ضحك السخرية والاحتقار من جانب عدم الإيمان. وفي ختام حياته يتآمر عليه زوجته وابنه كما لو كانا يحسبانه في غفلة.

كانت حياته في أغلبها تتصف بالهدوء. ومرتين ينبش الآبار التي طمها الأعداء، ثم يختم حياته ببركة يعقوب. والمسيح بالمثل اجتاز الموت في خضوع اختياري، وفي قيامته فجَّر ينابيع النعمة، ثم انطلق من هذا العالم رافعًا يديه بالبركة لتلاميذه.

حياة إسحاق اتصفت عمومًا بالهدوء والتواري، وخَلَت من جسارة الاقتحام، وأحبَّت العيش في المراعي الخضراء وعند صفو المياه، إلا أنه لم يُعفَ من شدائد الحياة. وقال واحد: ”إن مَنْ لم يُكابد البلوى، لا يعرف للسعادة معنى“. ورجال الله المعروفون، لم يُعفَ واحد منهم من شدائد الحياة وتجاربها. على إبراهيم وعلى ابنهِ إسحاق دَنَت في تكوين 22 سحابة داكنة كئيبة جدًا. وعلى الملايين مثلهما من الجنس البشري تعيَّن أن يروا النور من خلال الظلمة، ويجتنون البركة من براثن الحزن، وتعلَّموا من صروف الأيام أن العطور زهور مسحوقة، وأن الطيب أعواد محروقة. وكلنا لا نختبر بركة الضيقات إلا عندما يهتز عشنا ويهدده الخطر.

وبين هذا وذاك قد يطرق القَدَر السيء بابنا بعنف أو بلطف. وجميل بنا أن ننهض لنواجهه بجنان ثابت قوي هادئ، كما فعل إبراهيم وإسحاق عند جبل المُريا. حينذاك كان إبراهيم شيخًا متقدمًا في الأيام، وكان إسحاق في عنفوان الشباب. ولو لم يكن إسحاق - بطبعه الهادئ المُذعن - راغبًا في أن يُربَط وأن يُذبح، لتغيَّر الحال. في هذا كان إسحاق رمزًا تصويريًا رائعًا للمسيح. إنه في ذلك لم يكن ضحية بريئة فقط، بل كان أيضًا ذبيحة مُذعنة وخاضعة. لقد «وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب».

شنودة راسم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net