الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 4 مارس 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
سُبُلهُ في المياه الكثيرة
فِي الْبَحْرِ طَرِيقُكَ، وَسُبُلُكَ فِي الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ، وَآثارُكَ لَمْ تُعْرَفْ. هَدَيْتَ شَعْبَكَ كَالْغَنَمِ بِيَدِ مُوسَى.. ( مزمور 77: 19 ، 20)
استطاع الإنسان أن يصنع طرقًا مُعبَّدة ومُمهَّدة، تعبر البراري المقفرة، كما تشق الغابات المشجرة. ومهَّد الناس طرقًا فوق الجبال والمرتفعات، كما في السهول والمنحدرات. وعبر العصور تعلَّم الإنسان كيف يتغلَّب على العوائق الطبيعية، فشيَّد الجسور وطوَّرها؛ جسورًا عملاقة تربط جزرًا في قلب البحر ونظيرها فوق الأرض، ممتدة لتعبر الوديان بل الأنهار والخلجان. وعمل الناس شبكات من الطرق عبر أنفاق تحت الأرض، ووفر في هذه الطرق كل وسائل التأمين والحماية والإنارة اللازمة.

لكن هل من طريق في البحر، وسُبل في المياه العميقة، بكثافة ظلامها وعجيج أمواجها؟ يقول المرنم: إن للرب طريقًا في البحر، وسُبُلاً في المياه الكثيرة! عندما نجتاز في ظروف صعبة وشائكة بمُلابساتها المُربكة وأجوائها الحالكة، عندما تشتد الأزمات ويكون من الصعب أن نستوعب متى بدأت وكيف تعقدت فصارت في عِداد المعضلات التي حيَّرت العقول فانعدمت الحلول، هل يستطيع الرب أن يجد مخرجًا وبابًا للنجاة؟!

حُرِم يوسف من أبيه، وغدر به إخوته، ثم بيع عبدًا، وظُلم من امرأة فوطيفار فأُلقي في السجن، ثم نسيه رئيس السقاة. توالت الأزمات، وبمرور الأيام تعقدت وزادت إظلامًا، لكن بينما كانت النكبات تتوالى كان المخطط الإلهي ينُفَّذ بمنتهى الإتقان، لأن الله له طريق في حياة يوسف، وله سُبُله في تلك الظروف الطاحنة. إن كنا نعيش في أيام وصفها رجال الساسة أنها أيام ضبابية، وقادة البلاد يتلَّمسون الطريق وسط مخاوف من كل نوع، لكننا لا ننزعج لأن راعينا هو صاحب السلطان الذي يصنع الأحداث. هو الذي يرسل الريح الشديدة ليُحدث نوءً عظيمًا، وهو الذي تهدأ بأمره الرياح، وتسكن البحور الهائجة. هو الإله القدير الذي يُخْبِرُ منذ البدء بالأخير. لا يهم إن كان الأفق محاطًا بالضباب، فله في الغمام مسالك، وفي العاصف طريق، وسُبُل في المياه الكثيرة، ويده الرحيمة تجتاز بنا في مضايق الزمان. له النهار وله أيضًا الليل، فالضيق ليس سوى وسيلة يحقق بها مشيئته الصالحة. والذي يُطمئْن القلب أن الرب يسير معنا بنفسه في دروب البرية الموحشة، إلى أن يوصلنا ديار المجد عن قريب.

أفكارُكَ صالحةٌ من نحونا على الدوامْ
أعمالك عجيبةٌ تُفرِّحُ إلى التمامْ

أيمن يوسف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net