الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 18 مايو 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
هدايا المجوس وسجودهم
وَرَأَوُا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ.فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَباً وَلُبَاناً وَمُرّاً ( متى 2: 11 )
كان هؤلاء المجوس حكماء. ولقد تجلَّت حكمتهم في أمرين: أنهم سجدوا للمسيح أولاً، ثم بعد ذلك قدَّموا له الهدايا. ويا لها من حكمة أن المجوس لم يسجدوا للنجم الذي ظهر لهم، ولم يسجدوا أيضًا حين رأوا هيرودس الملك مع كل مظاهر السلطان والجاه التي كانت محيطة به، ولا حتى سجدوا للعائلة المقدسة، بل إنهم فقط حين رأوا المسيح، ميَّزوا مجده رغم حجاب الاتضاع وستار الفقر!

وسجود هؤلاء المجوس يُذكِّرنا بحادثة أخرى في آخر حياة المسيح على الأرض حين كان معلقًا فوق الصليب، وقال له اللص التائب: «اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك» ( لو 23: 42 ). في بداية حياته وهو ما زال طفلاً، سجد له المجوس باعتباره الله، وفي نهاية حياته، وهو على الصليب، صلى له اللص باعتباره الرب. ويا له من إيمان عظيم، اخترق ما تراه العين البشرية، ليرى ما لا يمكن لغير الإيمان أن يراه! يرى في الطفل الصغير، وهو في ذلك المَهد الحقير، ملك المجد ورب الكون، فيسجد له؛ وفي المصلوب فوق صليب العار، موضوع الاحتقار، يرى فيه رب الوجود ومخلِّص البشرية، فيصلي له!

ولقد ارتبط بسجود المجوس للمسيح أنهم قدَّموا له هدايا. ولاحظ أنهم قبل أن يقدِّموا الهدايا، خرُّوا وسجدوا له. فليس الهدايا أولاً، بل السجود أولاً. التقدير قبل التقديم؛ فالله يريد إكرام القلب له، قبل التعبير عن هذا الإكرام. لأنه «إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة، تُحتقر احتقارًا» ( نش 8: 7 ).

وأما عن هدايا المجوس التي أحضروها للمسيح، فلقد قدَّموا للمسيح: الذهب، واللبان، والمر.

ونستطيع أن نرى في الذهب (أنقى المعادن وأغلاها) صورة لمجد لاهوته، وفي اللبان ذي الرائحة الذكية نرى حياته الكاملة، التي ستصير عطرًا طيِّب الرائحة أمام الله؛ بينما في المر، وهو مادة ذكية الرائحة، مُرة المذاق، نرى صورة لِما قاساه واحتمله المسيح من آلام، مُشبَّهة بالمُر. بكلمات أخرى: الذهب دليل مجده ولاهوته، واللبان إشارة إلى كمال بشريته وناسوته، والمُر يحدثنا عن صلبه وموته.

والمسيح جدير بالسجود لِما هو في ذاته من الأزل وإلى الأبد، كما أنه جدير بالسجود لحياته الكاملة الخالية من أية خطية، وجدير بالسجود لمحبته التي جعلته يمشي أصعب درب، نحو الصليب. نعم، مَنْ نظيره في سمو شحصه، وفي كمال حياته، وفي تضحية موته؟!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net