الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 19 أغسطس 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
اكتشف أنه طائر
فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ ...اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ ( كولوسي 3: 1 ، 2)
حكى لي صديق يعيش في إحدى مدن استراليا عن طائر جميل كان يمتلكه، فقال: اشتريته صغيرًا عمره أيام، ووضعته في قفص يُزين حديقة منزلنا، وظللنا نستمتع بجماله لشهور. وكنت أحيانًا أفتح له القفص فكان يخرج مترددًا ليعتلي شجرة في الحديقة، ثم يعود مرة أخرى إلى قفصه باختياره. لم يكن يقوى على الطيران أكثر مِن هذا.

وذات يوم زارنا ضيف، وجلسنا تحت تلك الشجرة، وكان الطائر الجميل قد اعتلاها، وإذا بالضيف على حين غرة، يُمسك بحجر ويضرب به الطائر، فإذ به يفر مذعورًا متوجعًا، لا إلى قفصه، بل إلى أعلى. ثم عاد للشجرة مرة أخرى، لكن لم يلبث فوقها لحظات إذ إنه فَرَدَ جناحيه، ورفرف مُحلّقًا إلى العلاء، وعيوننا تلاحقه وهو يرتقي إلى السماء، ولم يَعُد مرة أخرى.

أنهى صديقي قصته حزينًا على عدم عودة الطائر الجميل. أما أنا في الحقيقة فكان شعوري مختلفًا تمامًا. فقد فرحت وتعلَّمت؛ فرحت للطائر لأنه أخيرًا اكتشف أنه طائر، وتحرَّر من سجن القفص وعبودية الإنسان، ليُحلِّق في بيئته الطبيعية ألا وهي السماء! وتعلَّمت درسًا هامًا لنا كمؤمنين هو أن الله أبانا عيَّننا واختارنا وولدنا ثانيةً لنكون سماويين. لقد مات المسيح لأجلنا، ومُتنا نحن معه، فانتهت السيرة الماضية، والآن قُمنا معه لتكون أفكارنا وعواطفنا، قلوبنا وتوجهاتنا، هناك في السماء، حيث مصدرنا ومآلنا.

لكننا للأسف الشديد كثيرًا ما تؤخذ أرجلنا بشبِاك الأرضيات، ونُحبس في أقفاص الشهوات، ونُثقل بقيود هموم الحياة، وننسى أن سيرتنا هي في السماوات. وعندما نحاول أن نتحرَّر لا نقوى إلا على اعتلاء شجرة قريبة منا، كأن نحضر اجتماعًا، أو نقرأ الكتاب، أو نقضي دقائق قليلة في الصلاة، وسرعان ما نعود للقفص مرة أخرى. لكن ما أعظم محبة المسيح الشفيع، إذ يسمح عندئذٍ أن نُضرَب بالأحجار. قد يكون حجر المرض، أو الضيق المادي، أو مشكلة عائلية، أو جحود الأحباء، أو جرح للمشاعر مِن الأصدقاء. ولكن بالطبع لا يطير حجر ليصل إلينا إلا بسماح مِن أبينا. وما أعظم ما تفعله فينا الأحجار؛ إنها تُجبرنا على الطيران! إنها تجعلنا نكتشف أننا سماويون، لذلك دعونا لا نكره الأحجار. ويا ليتك – عزيزي المؤمن – تكتشف أنك سماوي، كما اكتشف الطائر أنه طائر، حتى ولو بالأحجار.

ماهر صموئيل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net