الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 21 أغسطس 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
شاول بين الأمتعة
وَأُخِذَ شَاوُلُ بْنُ قَيْسَ. فَفَتَّشُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يُوجَدْ ... فَقَالَ الرَّبُّ: هُوَذَا قَدِ اخْتَبَأَ بَيْنَ الأَمْتِعَةِ ( 1صم 10: 21 ، 22)
أوضحت القُرعة أن شاول بن قيس هو الرجل المُعيَّن للمُلك، ولكنه ليس بموجود. لقد اختبأ تهيُبًا للمسؤولية. وهكذا الجسد، يختفي حينما ينبغي أن يظهر، ويظهر عندما ينبغي أن يختفي. فالنظرة المتدنية للذات شيء مختلف تمامًا عن تواضع الروح الحقيقي، وكما قال واحد: ”خطية الشيطان المُحببة هي الكبرياء في ثوب الاتضاع“. لقد قال لصموئيل إن سبطه هو الأصغر في إسرائيل وعشيرته هي الصغرى في سبطه ( 1صم 9: 21 ). ولا شك أن شاول تلقى تأكيدات بأنه هو الملك الممسوح. لقد تكلَّم إليه الله ذاته من خلال ”العلامات“ أو ”الآيات“ التي كان الغرض منها أن تقوده إلى عدم الثقة في ذاته، وإقناعه باهتمام الرب بكل أموره، ويؤكد له أنه تعالى عامل ليُخلِّص إسرائيل بيده ( 1صم 11: 1 -10)، كما وتكلَّم إليه من خلال روح النبوة الذي حلَّ عليه ( 1صم 10: 10 ). لماذا إذًا هذا الاتضاع المزيف؟ ولماذا لم يتفكَّر في كل هذه الأمور؟ ألا يعكس تصرفه هذا وضع شخص ليس بالحقيقة في حضرة الله؟ ففي محضره وحده ضمان للتصرف السليم. فخشية الإنسان تنطوي على عدم مخافة الله، فهي «تَضع شَركًا» ( أم 29: 25 )، ولكن في محضر الله يقابل الأضعف الأقوى دونما تردد. اسمع كلام الشهود الأمناء ردًا على الملك نبوخذنصَّر: «يا نبوخذنصَّر، لا يلزمنا أن نُجيبك عن هذا الأمر. هوذا يوجد إلهنا الذي نعبده يستطيع أن يُنجينا من أتون النار المتقدة، وأن ينقذنا من يدك أيها الملك». فالإيمان بالله يُولِّد حرية تامة لدى الإنسان. غير أن هذا الإحجام عن الظهور أمام الناس لا يعكس خوفًا منهم بقدر ما يتضمن مشغولية بالذات، الأمر الذي لا يتوافق بالمرة مع روح الحكم والمُلك. إن تصرف شاول هنا ليس في صالحه وإنما يُنبئ عن مرض في نفسه وفي الشعب.

وتداخل الله ليدل الشعب على مكان مَلِكهم. فالأمتعة تبدو مكانًا غريبًا يُبحَث فيه عن ملك. إنه مكان يفتقر إلى الكرامة، ويُمكننا أن نتخيَّل هزلية المنظر. لذلك لا عَجب أن تساءل هؤلاء الرجال الجسديون لاحقًا: «كيف يخلِّصنا هذا؟»، و«احتقروه ولم يقدِّموا له هدية» ( 1صم 10: 27 ). لقد كان في الحقيقة جزءًا من الأمتعة، بحسب الكلمة اللاتينية التي تُترجم ”أمتعة“، وهي: ”عائق“ أو ”مانع“، فهو لم يكن مُعينًا للشعب بقدر ما كان عائقًا في طريق شعب يتوق للنُصرة.

صموئيل ريداوت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net