الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 25 أغسطس 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الغراب والحمامة
الحمامة ( تكوين 8: 9 )
الحمامة تُمثل حالة المؤمن المولود من الله، وتُصوِّر لنا عمل النعمة وأثمار الروح التي تظهر في حياته. والحمامة طائر طاهر، كان يُقدَّم ذبيحة تُشبع قلب الله. وهي أيضًا طعام شهي لشعب الله، له الحق أن يأكل منه، ويتلذذ به. وفي هذا مغزى جميل جدًا؛ فإن حياة المؤمن المولود من الله، وأعماله الصالحة وخدماته المقدسة، لذيذة وشهية لقلب الرب الذي يريد أن يرى من تعب نفسه ويشبع. وهي في الوقت نفسه - أي حياة المؤمن الصالحة وخدماته المقدسة – تُسبِّب بركة لشعب الله، وشبعًا لقلوبهم.

ونرى في الحمامة رمزًا للطهارة، فقد قالت العروس في وصف عريسها: «عينَاهُ كالحمام ... مغسولتان باللبن». وهي أيضًا رمز للإخلاص والبساطة الحقيقية، كقول الرب: «كونوا بُسطاء كالحمام». لذا كان من واجبنا نحن المؤمنين أن نحيا حياة الطهارة والقداسة العملية، وأيضًا حياة الإخلاص والبساطة الحقيقية.

لقد أرسل نوح الحمامة من عنده ليرى هل قَلَّت المياه عن وجه الأرض «فلم تجد الحمامة مَقرًا لرِجلها فرجعت إليهِ إلى الفُلك». وهنا نرى الفرق الكبير بين الغراب والحمامة؛ فالأول وجد مكانًا لرِجله فوق الجثث الكثيرة التي كان يتغذى بها وهو فاقد الشعور برائحتها الكريهة، أما الحمامة فما كانت لتقترب إلى تلك الجثث لأنها لا تطيق رائحتها النتنة، كما أنها لا تستطيع أبدًا أن تتغذى من لحمها لأنها طاهرة، لا يمكن أن تتغذى بالجثث النجسة. لهذا لم تجد الحمامة مقرًا لرجلها. نعم، وكيف كان يتسنى لها أن تجد مقرًا لرِجلها وسط مياه الطوفان، أو بالحري في مكان الدينونة وعالم الموت؟ وهل يستطيع المؤمن الحقيقي أن يجد مقرًا لرجله في عالم مقضي عليه بالهلاك الأبدي، وفي أرض لا تنبعث منها سوى رائحة الموت؟

قد يغتر المؤمن إذ يرى تهافت الغربان أهل العالم على بقايا الرِمم الفاسدة، فيُحاول أن يأخذ نصيبًا معهم ومثلهم، في عالم محكوم عليه بالحريق والفناء. إن المؤمن في هذه الحالة يفقد تمييزه الروحي وينحرف عن مركز الانفصال، ويُشبه الحمامة الغبية، وينطبق عليه قول النبي: «صارَ ... كحمامة رَعناء» ( هو 7: 11 ). فيا ليتنا نتنبَّه لئلا ندنس أرجُلنا بإيجاد مقر لها فوق جثث المشتهيات الباطلة. ويا ليتنا نبقى دائمًا في مركز أمننا وسلامنا!

جوَّعني ليك واشبعني بيكْ
فلا أحتاج في أي جوعْ
أن أشبع من سواكْ

كاتب غير معروف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net