الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 27 سبتمبر 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
هل أنت مشغول؟
وَأَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ مُرْتَبِكَةً ..وقَالَتْ: يَارَبُّ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي..تَرَكَتْنِي ..وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُعِينَنِي! ( لوقا 10: 40 )
قد توحي لنا الكلمات التي ذُكرت هنا عن مرثا، أنها كانت أكثر انشغالاً من مريم، وبالنظرة الطبيعية وللوَهلة الأولى ربما نعتقد ذلك فعلاً، وربما نعتقد أن مريم كانت تعاني من بعض الفراغ، فأتت لتتكلم مع السَيِّد، أو إن أكثرنا تفاؤلاً نقول إن كلتيهما كانتا مشغولتين. لكن ببعض التأمل والتفكير في هذا المشهد، نكتشف أمرًا آخر غير كل هذا؛ نكتشف أن مرثا هي التي كانت تعاني من فراغ داخلي. قد تكون مشغولة أمام الناس وفي الظاهر، لكن في الواقع كانت تعاني من فراغ شديد. والدليل على ذلك نعلمه جميعًا، فالشخص المشغول لا يجد وقتًا لملاحظة الآخرين، أو مقارنة نفسه بهم، أو انتقاد سلوكهم، وسَرد عيوبهم. الشخص المشغول تجده مأخوذًا عن كل ما يحدث حوله، تجد كل تركيزه فيما يفعله دون النظر لأي شخص آخر، أو الانشغال بأي أمرٍ آخر. فإذا طبَّقنا هذا الأمر على الأختين سنكتشف الحقيقة؛ أن مريم كانت مشغولة جدًا، بينما مرثا كانت غير ذلك تمامًا. كانت مريم صامتة لأنها مشغولة، بينما مرثا تتكلم كثيرًا لأنها ليست مشغولة. كانت مريم تنظر للرب الذي شغل فكرها وقلبها، بينما مرثا تنظر لأختها لأنها لا تجد ما يشغلها. لم تلاحظ مريم ما تفعله مرثا لأنها كانت مشغولة، بينما كانت مرثا تلاحظ وتنتقد وتُقارن بينها وبين مريم لأنها لم تكن مشغولة.

مرثا أثبتت لنا أن هناك مَنْ يظهر أمام الناس أنه مشغول جدًا في الخدمة، وليس لديه وقت على الإطلاق، بينما هو فارغ جدًا من الداخل، ولا يشغله إلا مراقبة الآخرين وانتقادهم، والتعليق على تصرفاتهم ومقارنة نفسه بهم. بينما مريم أثبتت لنا أن هناك مَنْ لا يفعلون أمورًا ظاهرية عظيمة، بينما هم فعليًا مشغولون جدًا، وليس لديهم وقت للتفكير في شيء سوى في معبود القلب الوحيد.

فلنتحذر من أن نسقط في فخ المشغولية الزائفة، حيث نستمتع جدًا بملء مواعيدنا بخدمات متنوعة، ونتباهى بكثرة المشغولية. بينما لو راجعنا أنفسنا نكتشف أننا نعاني من فراغ روحي عميق داخلنا، ونعاني من مرارة الغيرة وانتقاد الآخرين، ومقارنة أنفسنا بهم.

أخي الحبيب: بقليل من التفكير والمكوث في حضرة الله، تنجلي وتتضح أمامنا حقائق كثيرة غائبة عنا، ويسطع أمامنا الحق الكتابي، ويُصبح منيرًا لنا جدًا.

عايز اسمعْ همس صوتكْ وابقى ناظر بس ليكْ
تهدي رجليَّ في طريقكْ وانت تنصحني بعينيكْ

باسم شكري
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net