الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 15 يناير 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تلميذا عمواس
وَإِذَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ .. إِلَى قَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أُورُشَلِيمَ سِتِّينَ غَلْوَةً، اسْمُهَا عِمْوَاسُ ( لوقا 24: 13 )
كم كانت ثقيلة ومُحزنة خيبة الأمل التي ألقت بظلها الكثيف على قلب ونفس تلميذي عمْوَاس، حتى إنهما فضَّلا ترك مكان الأحداث نهائيًا لكي لا تؤلمهما ذكريات ما حدث للشخص الذي سبق ووضعا كل آمالهما فيه!

فكلمة ”مُنطلقين“ توحي لنا بالسرعة والتعجل في المَسير. وأرى فيها محاولة الهروب من الواقع الأليم والمُحزن. وفي الحقيقة ليس ذلك هو الحل الناجع؛ فالهروب من واقع الشيء لا يُغير منه شيئًا، فما هو إلا مسكِّن وقتي تستفيق منه النفس أخيرًا، فلا تجد سوى الأحزان ذاتها والألم نفسه. وإنما الذي يحتاج إلى تغيير في كثير من الأحزان ليس الواقع فحسب، بل نحن وطريقة تفكيرنا، ومنهجنا وأسلوبنا في التعامل مع ما يحدث معنا. وهذا يتطلب أن الذهن والقلب يُوضعان تحت تأثير قوة أخرى تأخذهما في اتجاه آخر مُغاير ومختلف عما نرغب ونفكِّر فيه. وهذا ما فعله المسيح مع هذين التلميذين إذ «ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسِّر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب» ( لو 24: 27 ). لم يُذكِّرهما الرب بما صنع من آيات وعجائب طيلة أيام خدمته، ولكنه وضع أمامهم «الأمور المختصة به في جميع الكتب». وهذا هو أقوى تأثير على القلب والذهن والضمير، فلو لم تَستجِب النفس للكلمة فلا يصلح معها شيء آخر. وهكذا نجحت الكلمة المكتوبة في إعلان الكلمة المتجسِّد، وتغيير توجههما واتجاههما، ورجعت بهما في الطريق المعاكس وقد امتلأ قلبهما بالفرح، إذ عرفا السَيِّد، ورجعا ليُشاركا إخوتهما بأخبار القيامة المجيدة.

أما كلمة ”بعيدة“ التي تَصِف القرية التي كانا مُنطلقين إليها، فهي تُرينا ما كانا ينويان عليه؛ الهروب بلا رجعة. إنهما لم يذهبا حيثما اتفق، بل قررا الذهاب إلى قرية بعيدة. ولكن مهما كانت النقطة التي تصل إليها النفس في بُعدها، فمِن هناك يمكن للرب أن يستردَّها بالمحبة، ويضعها في القُرب الحقيقي منه. على أن الرب حين تظاهر كأنه مُنطلق لمكانٍ أبعد أراد بذلك أن يُعلِّمهما أنه مُستعد أن يذهب ليس فقط إلى عمْوَاس، بل إلى ما هو أبعد. وهنا نرى محبته لقطيعه الغالي على قلبه. آه كم من مرة اقترب من نفسي، وبحُبه الدافئ وصبره استردتني يداه، وطوَّقتني وأحاطت بي، فغَدَت النفس فَرِحة، والقلب مسرورًا؟! له الحمد والشكر إلى آباد الدهور.

وإلى عمواسَ يومًا ســــارَ كـالرَّفيـــــــــقْ
ويسيرُ الآنَ مَعنا في الرَّخَا والضيـقْ

خالد فيلبس
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net