الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 29 يناير 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الرسول بولس والشيء الواحد
أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: ... أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ ( فيلبي 3: 13 ، 14)
في رسالة فيلبي نستطيع أن نرى بصورة أكمل وأوضح من أي جزء آخر من أجزاء الكتاب الصفة الخاصة التي امتازت بها حياة الرسول بولس الداخلية. والحق أننا لن نجد في أي مكان آخر صورة أروَع وأدق لحياته الروحية الفردية من الصورة التي ترسمها لنا هذه الرسالة العجيبة. فمن الرسائل الأخرى نتعلَّم أكثر عن صراعه الهائل قبل وبعد تغييره (رسائل رومية وكورنثوس)، أما في فيلبي فتتجلى أمامنا ملامح وجهه الروحية بأكمل وضوح، وكأنها في روعة هدوئه وراحة ضميره أخذت تتجلَّى وتستَبين على حقيقتها، وفي أجمل وأدَّق خواصها. وهكذا نرى في كل أجزاء هذه الرسالة أن المسيح في السماء كان نِصب عين الرسول الدائم وموضع تفكيره وقوته وفرحه وغرضه.

إن اختباره كان يختلف عن اختبار باقي التلاميذ الإثني عشر. ففي حالتهم كان النمو تدريجيًا؛ عرفوا أولاً يسوع الناصري كسيدهم ومُعلِّمهم، عرفوه كنبي الجليل وكصديقهم. وحتى بعد أن عرفوه كالمسيا لم يستطيعوا أن يدركوا سِر آلامه. وبعد ثلاث سنين من التلمَذة يسأله فيلبس: «يا سيد، أرِنا الآب وكفانا» ( يو 14: 8 ). وقد لزَم الحال أن عَلَّمهُم الرب المُقام كل مشورة الله مُفسرًا لهم الكتب، إلى أن وصلوا يوم الخمسين إلى الاستمتاع الكامل بالنور.

أما بولس فلم يكن هكذا حاله، فإن يسوع - الرب من السماء - قد ظهر له بغتةً، وإذ رآه، دخل توًا إلى دائرة جديدة وحياة جديدة. هنا رأى بر الله. هنا رأى الكمال في المجد. هنا رأى مصدر الحياة والقوة. هنا رأى الفرح الذي لا يستطيع أي ظرف أن يُغيِّم في سمائه. هنا رأى رجاء البركة النهائية. فما قيمة الأرض له الآن؟ وما قيمة برّه السابق وجميع امتيازاته القومية التي اعتاد أن يُفاخر بها، ويتكل عليها؟ بل ما هي قيمة كل الأشياء بالمقابلة مع فضل معرفة المسيح يسوع؟ ( في 3: 7 -11).

«لي الحياة هي المسيح» - «افرحوا في الرب كل حين» - «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني» - «فإن سيرتنا نحن هي في السماوات، التي منها أيضًا ننتظر مُخلِّصًا هو الرب يسوع المسيح»؛ ”المسيح في السماء“ هذا هو غرضه ورجاؤه، وهو لا يسعى إلا لشيء واحد وهو أن يكون مثله ”كما هو“ في جسده المُمجَّد. هذا هو المكان السماوي وهو ما يتوقعه بالرجاء عند رجوع الرب.

فإنِّي سائحٌ غريبْ أسعَـى لإدراكِ الكمالْ
حيثُ أُشاهِدُ الحبيبْ ذاكَ البديعَ في الجمالْ

أدولف سفير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net