الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 25 أكتوبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الله ظهر في الجسد
وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ ( 1تيموثاوس 3: 16 )
هل هذا معقول؟ أ يظهر الله في صورة بشر؟! كيف يكون هذا؟ ولماذا؟

أمَّا: كيف يكون؟، فليس مستحيل عند الله. والله إن أراد أن يدخل إلى خليقته في شِبه صورة البشر، لن يكون هذا بالمستحيل عليه، وإلا ما كان هو الله. أمَّا: لماذا ظهر الله في الجسد؟ فهناك العديد من الأسباب بحسب كلمة الله:

أولاً: تواصل الإنسان مع الله: كم حَنَّ الإنسان لأن يرى الله. هذا الحنين نسمعه من أفواه الكثير من رجال الله في العهد القديم: فمثلاً قال أيوب الصديق في سفر أيوب 23: 8، 9: «هأنذا أذهب شرقًا فليس هو هناك، وغربًا فلا أشعر بهِ. شمالاً حيثُ عملُهُ فلا أنظُرُهُ. يتعطَّف الجنوب فلا أراه». وموسى، كليم الله، تجاسر يومًا وقال لله: «أرني مجدَكَ». فقال له الرب: «لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الإنسان لا يراني ويعيش» ( خر 33:  20).

بل حتى في العهد الجديد، عبَّر فيلبس، أحد تلاميذ المسيح، عن هذه الأُمنية العزيزة إذ قال للمسيح: «يا سيد، أرِنَا الآب وكفانا» ( يو 14:  8).

ثانيًا: قُرب الله إلينا: الله العظيم العالي، الذي صوَّرَته بعض الفلسفات البشرية أنه يعيش في برج عاجي، هل هو يحِّس بآلام البشرية المسكينة المعذبة؟ هل يحس بما تكتوي به قلوبنا عندما نفقد عزيزًا لدينا؟ هل يحِّس بنا لو دخلنا في ضائقة، ولم نجد حتى قوت يومنا؟ ماذا عندما يتعرَّض القديسون لبُغضة الناس واضطهادهم؟ أين الله في كل هذا؟ إن أمثال هذه الأسئلة وُجِدَت عميقة في وِجدان البشر والأتقياء عندما طحنتهم رحى المصائب واكتووا بنيرانها.

ثالثًا: لكي يكون هو الكفارة: لقد أخطأ الإنسان. وأجرة الخطية هي موت. ولقد اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع. فكيف يمكن للإنسان أن يتبرَّر عند الله؟ وكيف يزكو مولود المرأة؟ لقد كنا نبحث عن فادٍ يفدي نفوس البشر. فجاء الإعلان الكريم مؤكِّدًا أن «الأخ لن يفدي الإنسان فداءً، ولا يعطي الله كفارةً عنهُ. وكريمةٌ هي فِدية نفوسهم، فغلقت إلى الدهـر» ( مز 49:  7، 8). وكان الأمل في شخص يأتينا من عند الله، يكون كفوًا أن يسدِّد، نيابةً عن الإنسان الخاطئ، كل مطاليب الله العادلة، ليُمكنه أن يقول: «قد وجدتُ فِديةً» ( أي 33: 24 ).

لقد تحقق لنا ذلك عندما «الكلمة صارَ جسدًا» ( يو 1: 14 ). له كل المجد.

يوسف رياض

الاثنين

26

أكتوبر

صيحة العفاف

كَيْفَ أَصْنَعُ هَذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟

( تكوين 39: 9 )

الامتحان الذي اجتاز فيه يوسف كان صعبًا، وفي ظروف صعبة. كان شابًا كأي شاب عنده غريزة تميل للجنس الآخر، وله احتياجات عاطفية كأي إنسان، لا سيما وأنه حُرِم من حنان الأم مُبكرًا، ومن محبة أبيه الخاصة التي كان مغمورًا بها، وجُرِح قلبه الصغير الرقيق بخيانة وغدر إخوته، ولم يلقَ من الغرباء سوى القسوة والجفاء، وبيعَ عبدًا رغم أنه محبوب أبيه. وها قد جاءت لحظة الامتحان الفاصلة، فوجد نفسه أمام اختيارين لا ثالث لهما: إما السقوط أو الفرار.

أرجو أن نتذكَّر أنه لم يكن يُشاهد مشهدًا مثيرًا على الشاشة، أو يتعرَّض لمُلاطفة من بعيد تُداعب مشاعره، بل وجد امرأة تُمسكه بيديها بلا حياء، تلِّح عليه أن يضطجع معها، ولم يكن يوجد أحد غيرهما في البيت. يا له من امتحانٍ صعب!

ماذا فعل هذا الشاب الرائع في هذا الصراع الداخلي الحامي الوطيس بين رغبة جسدية تبتغي المُتعة وإن كانت وقتية، وبين السقوط الرهيب وإهانة إلهه العظيم؟ لم تأخذ التجربة من يوسف وقتًا طويلاً حتى نراه قد انتفض انتفاضة العِفة وضبط النفس، وحسم الأمر وصرخ صرخة جبار بأس قائلاً: «كيف أصنع هذا الشر العظيم وأُخطئ إلى الله؟». كأنه يناجي نفسه قبل غيره: “يا نفسي تذكَّري أن ما يسمُّونَهُ لذة ومُتعَة هو بالنسبة لي شرٌ عظيمٌ لأنه في حق الإله العظيم”.

ماذا فعل يا تُرى عندما أمسكَت ثوبه؟ «ترك ثوبَهُ في يدها وهرب وخرج إلى خارج»، كأنه يقول لتلك المرأة ذات الوجه المكشوف - التي ربما لم تكن أسوأ كثيرًا من النساء المصريات الأُخريات لأنه لم يكن خوف الله في تلك البلاد – وأفكار عميقة تُراوده تتسابق مع دقات قلبه الرقيق: “لا مجال للمُداعبة أو حتى المُعاتبة، فالهروب عاريًا بلا ثوب أكرم عندي من حمل عار الذنب، عار الخطية الثقيل والمُشين. خذي الثوب إن أردتِ واصرخي واظلمي كما شئتِ، فنار الظلم أهون من حرقة الشعور بالذنب، وصليل القيود الحديدية في رجليَّ خيرٌ لي عن مُلاطفات كلامك في أذنيَّ، وتراب السجن أرحم من فراش خيانة إلهي العظيم”.

ونجح يوسف بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وسر نجاحه كان في هروبه غير المتواني. نعم، من سِمات الشجاعة المقدسة، الهروب من مزالق الشهوات وفخاخ النجاسة.

هل يستطيعُ الربَّ أنْ يُقدِسَ ذا الجسدَ
مع ضعفـهِ وعجزِهِ لَهُ يصيرُ للمَدى؟

أيمن يوسف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net