الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 30 أكتوبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أُبوَّة الله
فَإِنَّكَ أَنْتَ أَبُونَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْنَا إِبْرَاهِيمُ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِنَا إِسْرَائِيلُ. أَنْتَ يَا رَبُّ أَبُونَا ( إشعياء 63: 16 )
رأى الله – في القديم – مذلة شعبه، فأرسل إلى فرعون قائلاً: «إسرائيل ابني البكر ... أطلِق ابني ليعبُدني» ( خر 4: 22 ). ونلاحظ أن الله قبل أن يقول: «أطلق ابني»، قال: «إسرائيل ابني البكر». ويُخَال إليَّ أن أبوَّة الله الحانية، عندما رأت مذلة شعبهِ عبَّرًت عن نفسها، كأبٍ رأى ضيق ابنه، فشعر وكأن حشَاه قد تمزق بداخله، فراحَ يصرخ: “يا ابني”!! ألا يُعبِّر هذا عن مشاعر الأبوَّة في عُمقها؟ لم تكن مشاعر الأبوَّة هذه مُخفاة عن قديسي العهد القديم، فنقرأ في إشعياء 63: 15، 16 «تطلَّع من السماوات وانظر من مسكن قُدسِكَ ومجدك: أين غيرتك وجبروتك؟ زفيرُ أحشائك ومراحمُكَ نحوي امتنعت. فإنكَ أنت أبونا وإن لم يعرفنا إبراهيم، وإن لم يَدْرِنا إسرائيل. أنت يا رب أبونا».

ونحن نستطيع أن نطبِّق بعضًا من هذه الكلمات، ولا أقول كلها، على المؤمنين في العصور المختلفة، ولكنها تنطبق تمامًا على المتألمين من الشعب الأرضي في أسبوع الضيقة. ولو رجعنا إلى هذا الأصحاح، سنجد الآية الجميلة: «في كل ضيقهم تضايق، وملاك حضرتهِ خلَّصهم. بمحبتهِ ورأفتهِ هو فكَّهم ورفعهم وحملَهم كل الأيام القديمة» (ع9). فلقد وصل هذا الشعب أن قلب الله الأبوي، بوفرة، جعله يتضايق لهم، ومعهم في كل ضيقهم، وقدرة ذراعيهِ تدخلت لصالحهم «فكَّهم ورفعهم وحملَهم كل الأيام القديمة»، وهذا سيجعلهم يعودون فيبحثون في ضيقهم المستقبلي عن مشاعر الأبوَّة هذه، قائلين: «زفير أحشائِكَ ومراحمُك نحوي امتنعت». ثم يستطردون: «فإنكَ أنت أبونا وإن لم يعرفنا إبراهيم، وإن لم يَدرِنا إسرائيل». ماذا تعني هذه الكلمات؟ كُلنا نعلم أن يعقوب هو أبو الأسباط، وإبراهيم هو الأب أو الجد الأكبر لهذا الشعب، ولكن أثناء ضيقة الأُمة، أين سيكون إبراهيم ويعقوب؟ سوف لا يكونان بالجسد على الأرض معهم، لذلك سيقول الشعب في معمَعَتِهِ: “أين إبراهيم، وأين يعقوب؟”. هذه لغة الافتقاد للأبوَّة، الذي سيجعلهم يلوذون بقلب الله الأبوي، دائم الوجود: «أنت يا رب أبونا». إن أبوَّة إبراهيم كأبوَّة يعقوب، ليست دائمة الوجود، أما أبوَّة الله، وإن غابت عن أعينهم بسبب رذيلتهم، لكنها بقوتها ستعود.

يا نفسي، هل تشعرين أن إبراهيم لا يدري بكِ؟ أقصد أن أبويكِ الأرضيين ليسا في معونتِكِ؟ لا أقصد تقصيرًا من جانبهما، ولكن قد يكون قصورًا أو عجزًا، أو لعدم بقائهما، فغدوتِ خارج الأحضان؟ .. اطربي .. إن أبوَّة الله لا تزول.

بطرس نبيل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net