الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 30 نوفمبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
اخضعوا لله
فَقَالَ الْمَلِكُ لِصَادُوقَ: أَرْجِعْ تَابُوتَ اللهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَإِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ فَإِنَّهُ يُرْجِعُنِي ... ( 2صموئيل 15: 25 )
بينما كان داود يعبر وادي قَدْرُون كان هناك بكاءٌ كثير «كانت جميع الأرض تبكي بصوتٍ عظيم .. أما داود .. كان يصعد باكيًا» ( 2صم 15: 23 ، 30). ولقد أتى صادوق وإبياثار مع جميع اللاويين، ومعهم تابوت الله، وأرادوا اتباع داود، وأن يُصاحب التابوت الموكب الباكي. ولكن داود رفض ذلك. ولم يُرِد أن يُكرِّر غلطة أولاد عالي (1صم4). والتابوت كان قد دخل إلى راحته، ولا يمكن أن يبدأ مرة أخرى رحلة التيهان في البرية مع داود. وإذ رأى يد الرب في كل ما هو حادث، فقد قَبِلَ مِن يدهِ كل هذه الأمور، وفي خضوعٍ كامل قال لصادوق: «أرجِع تابوت الله إلى المدينة، فإن وجدت نعمةً في عيني الرب فإنه يُرجعني ويُريني إياه ومسكَنه. وإن قال هكذا: إني لم أُسَرّ بكَ، فهأنذا، فليفعل بي حسبما يحسن في عينيهِ». ولنا في هذا صورة لصلاة الرب يسوع الرائعة لأبيه: «يا أبتَاهُ، إن شئتَ أن تُجيز عني هذه الكأس. ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك» ( لو 22: 42 ).

ولكن من الجانب الشخصي، ما أجمل أن نرى داود وهو في شدة أحزانه عالمًا أنها يد الرب التي خرجت عليه للتأديب، فلم ينسَ الرب في آلامه، لكنه يُعلِن عن ثقته في رحمته ونعمته، وهكذا نرى أن هذه الكلمات تكشف عن خضوعه العميق.

ويا لنُبل مشاعر التوبة الصادقة والخضوع لله التي يُظهرها داود في كلماته لصادوق! ويا لها من نتيجة عجيبة لعمل روح الله في قلب يجتاز التدريب! ويا لها من ثقة كاملة في صلاح الله الذي يحتمل ويصبر إلى التمام! وكل ما يحدث هو عدل وبر، ولكن داود يستند على النعمة، ويقبل هذه المذلة، ويترك لله مسألة تبريره، لأن «الله هو الذي يُبرِّر!» ( رو 8: 33 )، واسمعه يقول: «إن وجدت نعمةً في عيني الرب فإنه يُرجعني ويُريني (ليس مسكَني، ولكن) إياه ومسكنه». إن تفكير داود ليس في عرشه وقصره، ولكن في الرب ومسكَنهِ.

كان التابوت - رمز حضور الله في وسط شعبه – هو أعظم فرح له، لكنه لم يكن مستحقًا الآن أن يمتلكه، ولذلك يُرجِعه إلى المدينة. كان هذا بكل تأكيد هو الحزن الذي يناسبه الآن. فلم يكن له نصيب من الفرح في الوقت الحاضر. فليرجع تابوت عهد الله إلى المدينة أورشليم لكي ينشر فرح حضوره هناك، أما هو فيصعد في مصعد جبل الزيتون باكيًا، ورأسه مُغطى وحافيًا «لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله يُنشئ توبة لخلاص بلا ندامة» ( 2كو 7: 10 ).

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net