الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 15 فبراير 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
سبَّحوا وخرجوا
ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ ( مرقس 14: 26 )
إن كانت شجاعة الرب في ذهابه إلى أورشليم نبيلة بهذا المقدار بما فيها من أعمال الرحمة التي أسدَاها في الطريق للمتألمين، فهي لم تكن بأعظم مما صنعه عندما مضى بعد ذلك بأيام قليلة ليأكل الفصح مع تلاميذه في العلِّية. كانت الليلة الأخيرة، فلم يصرفها مع أقاربه، ولا في أمور دنيوية، بل مع تلاميذه ليُعلِّمهم واجباتهم السماوية. كان امتحانًا قاسيًا على شجاعته أن يحتفل بالفصح في نفس الليلة التي كان سيُسلَّم فيها، لأنه حسب تقاليد اليهود كان الفصح مناسبة فرح عظيم، لأنه ذكرى إنقاذهم من العبودية. ويُقال إنهم في حفلة العشاء كانوا يشربون كأس البركة أربع مرات، وبفرح عظيم يُسبِّحون من مزمور 113 إلى مزمور 118. وكان الرب يعلَم كل ذلك، ومع كُلٍ لم يشترك معهم في صمت، بل قال: «شهوةً اشتهيت أن آكُل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم» ( لو 22: 15 )، وكان هذا يتضمن التسبيح، كما كتب مرقس البشير «ثم سبَّحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون» ( مر 14: 26 ). كانت كل رغبته أن يمجِّد الآب وينفذ مشيئته. كان في عنفوان شبابه وقوته، ولكنه كان يُسلِّم نفسه للموت طاعةً لمشيئة أبيه. كان يقترب من الآلام والأحزان، ولكنه كان يُسبِّح!

رأى آخر غروب، وأكَلَ آخر أكلة، ولمَّا تعمَّق الليل كانت برودة الصليب وظلمته تَطبِقان عليه، ومع كلٍ كان يُسبِّح. لقد كان يعرف أن جثسيماني تواجهه بعد ساعة أو ساعتين، ومع كلٍ كان يُسبِّح. لقد أطلق يهوذا ليغدر به، وكان يعلَم أنه سيلاقيه بقُبلته الغاشة، ومع كلٍ كان يُسبِّح!

كان يعلَم أنه في دُجى الليل سينكره بطرس ويتركه هو وباقي التلاميذ ويهربون، ومع كلٍ عمل على إراحتهم إلى المُنتهى، إذ قال لهم: «لا تضطرب قلوبكم»، وبعدما سبَّح معهم كان المُخلِّص يعلَم أنه، وهو المُعلَم بين ربوة، سيكون «مَنظرُهُ كذا مُفسَدًا أكثر من الرجل، وصورته أكثر من بني آدم» ( إش 52: 14 ). عرف كل ذلك، ومع كلٍ كان يُسبِّح!

كان يعلَم أنه بعد ساعات قليلة سيُعلَّق على صليب اللعنة، ومع كلٍ كان يُسبِّح. كان يعلَم أنه قبل أن ينتهي ذلك اليوم سيُجلَد، ويُطعَن بالحربة في جنبه، ويوضع في القبر ميتًا، ومع كلٍ كان يُسبِّح!

أي إنسان هذا!! إن شجاعته لا تُبارى ولا تُقاس، ونحن إذ نتطلَّع في تقدير وإعجاب نهتف: يا له من مُخلِّص!

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net