الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 10 مارس 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
وادي الجباب
اجْعَلُوا هَذَا الْوَادِيَ جِبَابًا جِبَابًا ... لاَ تَرُونَ رِيحًا وَلاَ تَرُونَ مَطَرًا وَهَذَا الْوَادِي يَمْتَلِئُ مَاءً، فَتَشْرَبُونَ ( 2ملوك 3: 16 ، 17)
إن الوادي يتكلَّم دائمًا عن مذلَّة الاتضاع، إنه مكان الأحزان والحرمان. ولكن أن يُجعَل الوادي جِبَابًا، فهذا معناه مزيدٌ من الفراغ والعوز والاحتياج. إن حياتنا مليئة بالجِبَاب الفارغة؛ فهناك جُب الفقر إذا جفَّتْ الموارد المادية. وهناك جُب المرض، وقد يلازم الإنسان مدى الحياة. وهناك جُب الحرمان العاطفي، أو الحرمان من أشخاص تعلَّقنا بهم، وقد يأتي ذلك مُبكِّرًا في الحياة. أو الحرمان من البيت والحياة المستقرَّة إذا حرَّك النسر عشه وزعزع الاستقرار. أو الحرمان من التعليم لسبب أو لآخر. أو الحرمان من الجمال والقبول، أو الحياة الزوجية السعيدة. أو الحرمان من الأولاد لإشباع عاطفة الأبوُّة أو غريزة الأمومة. أو غير ذلك من صور الحرمان من احتياجات طبيعية مشروعة في الحياة. وكلها جِبَاب فارغة تطلب المِلء. ولكن أمينٌ هو الله الذي لا يَحرِم من الكل، ولا يدَعنا نُجرَّب فوق ما نستطيع، بل يُعطي مع التجربة المنفَذ. فهو إن حرَم من شيء، يقينًا سيُعوِّض في شيء آخر. وهذا التعويض سيجعل الشخص يشعر بالتميُّز عن غيره في هذا الجانب.

لقد اختبر بولس ذلك: كان بلا فضة ولا ذهب، بلا زوجة ولا أولاد، بلا صيت ولا شُهرة، بلا سكن ولا إقامة، بلا راحة ولا حرية، بلا كرامة ولا مكانة. وأخيرًا ذهبت الصحة فباتَ في جُب المرض. فنسمعه يقول: «أُعطيت شوكة في الجسد». وإذ كان يشعر بوَخز الشوكة ومَذلَّة اللَّطم، فقد تضرَّع إلى الرب ثلاث مرَّات أن يفارقه. لكن الرب في حكمته لم يرفع الشوكة، لكنه سمح ببقائها لأنه رأى لزومها وأعطاه تعويضًا كافيًا، إذ قال له: «تكفيكَ نعمتي، لأن قوتي في الضَّعف تُكمَلُ» ( 2كو 12: 9 ). فهو قد يسمح لنا بالتفريغ والحِرمان من أمور زمنية لكي نمتلئ ببركات روحية سماوية، ونختبر كفاية نعمته وقوَّته.

إنه يسيرٌ في عيني الرب أن يملأ الجِبَاب الفارغة حسب الحاجة تمامًا، ويَسدُّ العَوز بما يناسبه. فيملأ الفقر بالمال، والمرض بالصحة، والخوف بالسلام، والوحدة بالأنيس، والفراغ العاطفي بشخص حنون وعطوف، وهكذا .. لكنه في بعض الأحيان قد يسمح بترك بعض الجِبَاب فارغة دون مِلء، وذلك لكي نختبر كفايته الشخصية لنا، هو وليس عطاياه. وعندما تنسَاب كفاية المسيح على كل فراغ في حياتنا لتشملنا وتحتوينا، فإننا معه لن نشعر بالفراغ، ولن نشكو من أيِّ احتياج. فهو شخصيًا سيُصبح التعويض الرائع والبديل العظيم لنا.

محب نصيف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net