الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 22 مارس 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
استهزأوا بهِ
وَكَانَ الشَّعْبُ .. يَنْظُرُونَ، وَالرُّؤَسَاءُ .. مَعَهُمْ يَسْخَرُونَ بِهِ ..وَالْجُنْدُ أَيْضًا اسْتَهْزَأُوا بِهِ ( لوقا 23: 35 ، 36)
في بداية خدمة الرب يسوع على الأرض جاءه الشيطان ليجرِّبه وأخذ يلِّح عليه أن يلقي بنفسه من على جناح الهيكل، وها هي التجربة تلاحقه، ومن كل جانب تقرع أُذنيه الدعوة إلى النزول من على الصليب. وكانوا في تقريعه يذكرون كل الأسماء والألقاب السامية التي وصف نفسه بها، أو التي وصفه بها الآخرون، يذكرونها بالمُباينة بينها وبين ما صار عليه الآن فوق الصليب .. «ابن الله» .. «مختار الله» .. «ملك إسرائيل» .. «المسيح» .. «ملك اليهود» .. «يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام».

بهذه التعبيرات كانوا يسخَرون منه بكل نوع من أنواع السخرية، وتحدُّوه أن ينزل من على الصليب فيؤمنوا به. وما كان صبره وصمته في نظر أعدائه إلا عجزًا واعترافًا بالهزيمة، فلماذا لا يدَع مجده يتوهَّج فيخطف أبصارهم ويُسكِت ألسنتهم؟ ما كان أسهل عليه لو فعل هذا، ولكن لا. إنه لم يكن ليفعل هذا. ولقد قالوا الصِدق حين قالوا: «خلَّص آخرين وأما نفسهُ فما يقدر أن يُخلِّصَها!» ( مت 27: 42 )، لأنه لو خلَّص نفسه لَمَا صار مُخلِّصًا. والقوة التي ربطته على الصليب كانت أعظم بكثير من تلك التي تلزَم لنزوله من عليهِ. إنه لم يُمسَك بمسامير قيَّدت يديه ورجليه، أو بحبال أوثَقت ذراعيه، أو بسبب حراسة العسكر له. كلا، بل أُمسِكَ هناك برُبط غير منظورة، بحبال محبة فادية. إنه أُمسك هناك محصورًا بترتيب إلهي.

أما أعداؤه فلم يفهموا شيئًا من هذا كله. لقد حاكموه وأدانوه كمُضِل؛ القوة عندهم هي القوة المادية، والمجد عندهم مجد الذات. والمُخلِّص الذي تخيلُّوه وتمنُّوه، مُخلِّص سياسي وليس مُخلِّصًا من الخطية. وحتى يومنا الحاضر ما زال المسيح يسمع من كل جانب هذا التحدي من أفواه غير المؤمنين: «فلتنزل عن الصليب فنؤمن بِكَ!»؛ كلمات ينطق بها غير العارفين بعدم استحقاقهم، أو بجلال وعظمة حقوق الله القدوس. إنهم لا يفهمون الخطية حق الفهم، ولا يفهمون العقاب، ولا يفهمون شيئًا اسمه الكفارة، ولا شيئًا اسمه الفداء. يريدون مسيحية خالية من المعاني العميقة لموت المسيح. يريدون ديانة بغير صليب. يريدون مسيحية لها شكل يُسِرّ العين، ولها شعائر تجول فيها الكبرياء وتَصول، أما المسيحية التي تعني الإيمان بالمسيح وحمل عاره والارتباط بقطيع مُحتَقر يحمل نيره ويرفع رايته، فلا يريدونها بل ويرفضونها. ولكن لن يُكرِم صليب المسيح قوم لم يشعروا بثقل الذنب، ولم يصلوا إلى معرفة حاجتهم إليه.

جيمس ستوكر
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net