الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 23 مارس 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تبعية الرب وخدمته
حَيْثُمَا كَانَ سَيِّدِي الْمَلِكُ، إِنْ كَانَ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلْحَيَاةِ، فَهُنَاكَ يَكُونُ عَبْدُكَ أَيْضًا ( 2صموئيل 15: 21 )
إلى جانب المجموعة الكبيرة من الأُمم الأوفياء الذين ارتبطوا بداود من وقتٍ طويل، كان هناك وافدٌ أتى منذ وقت قصير نسبيًا. والروح القدس يتعمَّد أن يُلقي الضوء، ويلفِت انتباهنا إليه؛ إنه “إِتَّاي الجَتِّي”.

كان “ِتَّاي” جتيًّا أي مِن “جَتّ”، ومن هذه المدينة أيضًا جليات الفلسطيني الذي قتله داود، وأحرز انتصارًا عظيمًا يُشير رمزيًا إلى النصر الأعظم الذي أحرزه ربنا يسوع المسيح، على صليب الجلجثة ( عب 2: 14 ). وجَتّ معناها “معصرة” وفيها إشارة إلى غضب الله. ومن جَتّ جاء “إِتَّاي الجَتِّيِّ” ليلتصق بداود. وكان ذلك الجَتيّ غريبًا ومنفيًا من وطنه ( 2صم 15: 19 )، ولكن في كلماته التي نطق بها لداود عبَّر عن ولائه للملك، وعن تطوُّعه ورغبته أن يكون معه، سواء للموت أو للحياة.

وكلمات “إِتَّاي” كانت تعبيرًا عمَّا هو أكثر من مُجرَّد علاقة بينه وبين داود. إنها كانت تشتمل على الاعتراف بالإيمان بالله الحي الحقيقي. إنه يبدأ كلماته بالقول: «حيٌ هو الرب» ( 2صم 15: 21 ). إنه كراعوث الموآبية، أصبح مؤمنًا حقيقيًا “بيهوه”، ومن المُحال أن يعود مرة أخرى لشعبه القديم أو لآلهته القديمة.

ورغم أن كل الظروف اتَّحَدَت لتستبعد “إِتَّاي” مِن أن يُلقي قرعته ونصيبه مع داود؛ فلقد كان غريبًا ومنفيًا، ولم يكتسب بعد حقوق المواطنة في إسرائيل، فقد جاء بالأمس القريب فقط، وأيضًا كان معه عدد كبير من الأطفال – وبالطبع النساء – وهو ما كان سيُمثل عبئًا ثقيلاً في حال قرَّر أبشالوم مُطاردتهم. بل إن داود نفسه لم يتوَّقع من “إِتَّاي” اتخاذ أية خطوة لاتباعه، بل ويأذن له بالانصراف، ويُحرِّضه على الرجوع «ارجع ورجِّع إخوتك. الرحمة والحق معك» ( 2صم 15: 20 ). إنه يُباركه لكي يجعله متيقنًا إنه تحت هذه الظروف لا يُحسَب عليه أي تقصير أو عجز، إذا ما قرر المكوث في أورشليم.

ولكن لا شيء يُقنع “إِتَّاي” الذي يُقرِّر أن يلتصق بداود، ويبقى معه؛ إنه لا يعرف مكانًا، ولا سيدًا آخر. فمَن يخدم بخلاف داود؟! أَ فليس أبشالوم عدو سَيِّده؟ وما الذي يُعوِّقه عن تبعية داود؟ هل الموت؟ إذا كان لا بد لداود أن يموت، فمرحبًا بالموت لإتَّاي أيضًا. إنه يتوقعه ويضعه أولاً «إن كان للموت أو للحياة». وبالنسبة له فالحياة تأتي بعد الموت، بأية طريقة، وفي أي مكان. وإلى أن يأتي الموت، فحيث يجب أن يكون داود، يكون خادمه أيضًا. يا لها من مشاعر مُنعشة لقلب الملك المُطَارد؛ مسيح الرب!

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net