الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 3 مايو 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مات موتًا اختياريًا
وَنَادَى يَسُوعُ .. وَقَالَ: يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي. وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ ( لوقا 23: 46 )
هذه هي آخر العبارات السبع التي نطق بها الرب يسوع من فوق الصليب، وآخر نُطقْ له قبل أن يُسلِم الروح.

ونحن نعرف كم تكون الكلمات الأخيرة للشخص عند الاحتضار ذات قيمة خاصة ومدلول هام. والمسيح من فوق الصليب وجَّه عباراته التي نطق بها إلى أشخاص عديدين، لكن عبارتيهِ الأولى والأخيرة – والتي انفرد بتسجيلهما لوقا الطبيب – كانتا صلاتين لأبيهِ، بدأ كلتيهما بالقول: «يا أبتاه».

ونحن هنا لا نسمع المسيح يقول بصوت متهدِّج: “ها أنا أغيب عن وعيي وأخور” ، ولا حتى: “ها أنا ذاهب في طريق الأرض كلها”، بل إنه نادى بصوتٍ عظيم وقال: «يا أبتاه، في يديكَ أستودع روحي». وصراخه بصوتٍ عظيم يدُّل على أن قواه الجسدية كانت حاضرة تمامًا. ثم إنه في صفاءٍ ذهنيٍّ يقتبس آية مناسبة من سفر المزامير، مما يدُّل على أن قواه الذهنية أيضًا كانت حاضرة. ثم إنه لا ينحني مُرغَمًا أمام الموت، ملك الأهوال، بل يقول لأبيه: «يا أبتاه، في يديكَ أستودعُ روحي». وبعد أن فاه بهذه العبارة أسنَدَ رأسه وأسلَم الروح. فعبارة «نَكَّسَ رأسَهُ» الواردة في يوحنا 19: 30 تعني حرفيًا “أسنَدَ رأسَهُ”. لقد وضع رأسَهُ في وضع الراحة، ووجهه نحو السماء، بعد أن أنجز المُهِّمة التي كلَّفه بها الله، ثم أسلَم الروح.

قال أحد الأفاضل: “مَن فينا يذهب ولو إلى النوم، وينام بإرادته كما فعل هو - تبارك اسمه - عندما مات؟ مَن فينا يخلع ملابسه بسهولة ويُسر بمُطلَق رغبته، كما فعل يسوع عندما خلع جسده؟ مَن فينا يخرج من باب غرفته عندما يريد، كما فعل سيدنا عندما خرج من هذا العالم وقت أن أراد؟”

ثم ما أعظم هذا التعبير الذي تكرَّر في الأناجيل الأربعة جميعًا «أسلَمَ الروح». فروحه لم يأخذها أحد منه عُنوةً، بل كما قال له المجد: «أضعها أنا من ذاتي» ( يو 10: 18 ). نعم، لم تؤخذ روحه منه قهرًا، بل بكامِل إرادته واختياره قَبِلَ الموت. لقد «سكَبَ للموت نفسَهُ» ( إش 53: 12 ).

أسلَمَ الروحَ وماتْ عن فجارٍ وخطاهْ
في ظلامِ القبرِ باتْ وهوَ رئيسُ الحياهْ
مُوفيًا عدلَ القديرْ قاهِرًا جيشَ العِدَى

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net