الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 28 مايو 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أُوريا الحثي .. أمانته وإخلاصه
إِنَّ التَّابُوتَ وَإِسْرَائِيلَ...فِي الْخِيَامِ، وَسَيِّدِي يُوآبُ وَعَبِيدُ سَيِّدِي نَازِلُونَ عَلَى وَجْهِ الصَّحْرَاءِ ( 2صموئيل 11: 11 )
يا للسمو في أخلاق “أُوريَّا”! ويا لفهمه العميق لأمور الله وترتيبها! ففي حديثه مع داود يذكر “التَّابوت” أولاً؛ يذكره مُجرَّدًا بلا مُقدمات لأنه غني عن التعريف، فهو الذي لا يتكرر صُنعه. إنه «تابوت الله، الذي يُدعى عليهِ بالاسم، اسم رب الجنود، الجالس على الكروبيم» ( 2صم 6: 2 ). وإن قيمة إسرائيل ومجده هما في وجود التابوت في وسطهم.

كما أن “أُوريَّا” يعرف قيمة “إسرائيل” شعب الرب، الذي أحبه وفداه، وقاتَلَ عنهم عند بحر سوف. ويعرف قيمة “يهوذا”؛ السبط الملَكي الذي نبتَ منه داود. ويا له من تقدير لداود الملك!

ثم نراه – في فطنة ناضجة، وتأوُّه عميق – يُقدِّر حالة شعب الرب، فيقول: «ساكنون في الخيام». ثم في أدب راقٍ وتواضع جَم، يقول: «وسيدي يوآب وعبيد سيدي (الملك) نازلون على وجه الصحراء».

كان “أُوريَّا” في أورشليم، وفي قصر الملك، لكن قلبه وفكره كان هناك، مع إخوته على جبهة القتال، مشغولاً بهم بكل إخلاص «فإنه من فضلة القلب يتكلَّم الفم» ( مت 12: 34 )، «فقال أُوريَّا لداود ... أنا آتي إلى بيتي لآكُل وأشرب وأضطجع مع امرأتي؟! وحياتك وحياة نفسك، لا أفعل هذا الأمر» (ع11). لقد كانت حياة الملك لها معزَّة وتقدير على قلب “أُوريَّا” فاتخذها كقَسَم، ولم يحنث في قسمه. ولكن ماذا كان تقدير داود لحياة “أُورِيَّا”؟!

إن الاسم “أُورِيَّا” يعني “نور يهوه”، ولقد كان موقف “أُورِيَّا” وجوابه بمثابة “نور يهوه” الذي سطع على خرائب داود وأوحاله، ليرجع بالتوبة والندم وانكسار القلب، طالبًا من الرب الرحمة والغفران. ولكن داود لم يستَفِد من هذا النور، وهرب منه، فتقسى قلبه وازداد ظلامًا، وأصرّ أن يخفي جريمته تحت دم أُورِيَّا. وقد فعل لأنه الملك.

وخرج “أُورِيَّا” – في ولاء وطاعة وخضوع للملك – يحمل وثيقة إعدامه بيده، والتي كتبها داود وختمها بخاتمه، وحملها إلى يُوآب الغادر الذي تمَّم الجريمة ليُرضي الملك. وقُتل “أُورِيَّا” بجريمة الغدر؛ مات بخطية غيره. ويا للتناقض! ويا للمُباينة! فعندما كان داود ورئيس جيشه، في مستنقع الخيانة والغدر، يدبران لقتل رجل أمين يُحارب لأجل الرب وشعبه، نرى “أُورِيَّا” يعلو فوق جبل الإخلاص والمحبة والأمانة للرب وشعبه. ليتنا جميعًا هكذا!

دعني أعيشُ في رِضاكْ وأستمِرُ في الجهادْ
عَيني إليكَ لا سِواكْ حتى أفوزَ بالمُرادْ

رمزي فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net