الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 24 يونيو 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
سبيل لم يعرفه كاسر
سَبِيلٌ لَمْ يَعْرِفْهُ كَاسِرٌ، وَلَمْ تُبْصِرْهُ عَيْنُ بَاشِقٍ، وَلَمْ تَدُسْهُ أَجْرَاءُ السَّبْعِ، وَلَمْ يَعْدُهُ الزَّائِرُ ( أيوب 28: 7 ، 8)
هذه العبارات نطَق بها أيوب يوم بلواه المُحرِقة، فها نحن نسمعه يَسُبُ سوادَ يومِهِ، ويُنَدِّدُ بموقف أصحابِهِ، يُعلِنُ بوارَ رجائِهِ، يستمسِكُ بكمالِ بِرِّهِ، ثم يعلِنُ أن الحكمةَ ليست بموفورةٍ لدى أترابِهِ. وكثيرًا ما بَحَثَ المسكين عن حكمةٍ وتقنين، في حديثِ أصحابِهِ وخِبراتِ الأقدمين. فهل مِن شارحٍ مُعلِّلٍ لِمَ البلوى ولِمَ الأنين؟ أ ليس مِن مُسافرٍ، امتلأت جعبةُ مراحِمِهِ زيتًا وخمرًا، فيصُبُّها على جراحِ المُبتَلين؟ ولكن وا أسفاه لقد خاطَبَ أصحابه: «ولكن ارجعوا كُلكم وتعالوا، فلا أجدُ فيكم حكيمًا» ( أي 17: 10 ). وها أيوب يفرِدُ إصحاحًا بأكملِهِ، المُقتبسة منه الآيات المذكورة أعلاه، يشرحُ فيه أن الإنسانَ بحث ونقَّبَ، حفَرَ دؤوبًا وبلا كَللٍ عن كُلِ ثمينٍ في الحياة من وجهة نظرِهِ فوَصَلَ إليه، ولكنه أخفَق في العثور على الحكمةِ التي من الله. يستخدم البعض الآيات المذكورة أعلاه تطبيقًا على درب الألم الذي سارَه المسيح وتُرَدَدُ على أنها تنطبق على طريقِ العدل الذي تمشَّى فيه ( أم 8: 20 ). وحقيقةً، هذه الآيات ترسِمُ لنا سبيلاً وعِرًا، مُرعِبًا، غيرَ معتادٍ، لم تعرفْهُ الكواسرُ (الطيور الجارحة)، ولم تبصرْه عينُ باشقٍ (النسور)، لم تَدسْه أجراءُ السباعِ (أشبال الأسد)، ولم يَعْدُهُ الزائر (الأسد الذي يزأر)، ولكنها لا تنطبقُ على طريقِ العدلِ ولا تشرحها على وجه الإطلاق، وذلك لأنها تشرح في قرينتها، أن ما عجَزَ عن دخولِهِ الكواسرُ والسباعُ، وصل إليه الإنسان لاستخراجِ كُلَ ما هو ثمينٌ. فلقد حَفَرَ الإنسانُ في الصخورِ سَرَبًا (سراديب)، ورأت عينُهُ كُلَّ ما هو ثمينٌ، وأبرز الخفياتِ (باطن الأرض) إلى النورِ. إذًا هذا السبيلُ اقتحمَهُ الإنسان بل واعتاد السير فيه، ولكن ظلَّ المبتَلى يتساءَل، مُعلِنًا إفلاسَ أرضِ الأحياءِ بل الغمر والبحر، عن الإدلاءِ بطريقِ الحكمةِ فتساءَل أيوب: «أما الحكمةُ فمِن أين توجدُ، وأينَ هو مكانُ الفهم؟» ( أى 28: 20 ،12)

صديقي .. كان الإنسان أمام مناظِر حكمةِ اللهِ في الخليقة، ولكنه لم يعرف الله بالحكمة أي بالذكاء الطبيعي، ولم يُعطِنا اللهُ طريقًا ولكنه أجزَلَ لنا شخصًا، لم يكن حكيمًا فحسب بل كان هو الحكمةُ عينَها، ولم تظهَر هذه الحكمة في معدنٍ ثمينٍ أو على عرشٍ بل تجلَّت في مصلوبٍ وهو موضوعُ فخارِنا «ولكننا نحن نكرزُ بالمسيحِ مصلوبًا ... وأما للمدعوِّينَ: يهودًا ويونانيين، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله» ( 1كو 1: 23 ، 24).

يا عجبًا من حكمةٍ تنوَّعَت فيكَ بَدَتْ
وفَّيتَ حق العدلِ والـ نعمةُ لنا أُظهِرَتْ

بطرس نبيل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net