الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 10 نوفمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إسحاق وعيسو
إِسْحَاقُ .. دَعَا عِيسُوَ .. وَقَالَ لَهُ: .. اصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً كَمَا أُحِبُّ،وَأْتِنِي بِهَا..حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي ( تكوين 27: 1 - 4)
أراد إسحاق أن يُبارك عيسو بدلاً من يعقوب، مخالفًا قصد الله المُعلَن قبل سنوات طويلة. والقصة في الواقع لا تبدأ من هنا ولكن منذ أن بدأ عيسو مهنة الصيد، واعتاد أن يصطاد الغزلان ويُهيئ طعامًا لأبيه، فنقرأ القول: «فأحبَّ إسحاق عيسو لأن في فمهِ صيدًا» ( تك 25: 28 ).

كان عيسو زانيًا ومستبيحًا، واحتقر البكورية. وبسبب هذا قال عنه الرب: «أبغضتُ عيسو» ( ملا 3: 1 ؛ رو9: 13). فكيف أحبه إسحاق، وما هو الدافع لذلك؟ هل رأى إسحاق التقي في عيسو أية ميول روحية؟ وهل كان في شركة سعيدة معه في الاختبارات الروحية لمعاملات الله؟ كلا البتة. وكيف يسير اثنان معًا إن لم يتواعدا؟! لكنه أحبه لأنه كان يتولَّى إشباع شهوة الجسد التي سيطرت عليه وتمثَّلت في الأكل. وكانت هذه نقطة ضعيفة عند إسحاق، وقد استغلها عيسو أسوأ استغلال. وكم هو شيء مَعيب أن يكون لدى الأب نقطة ضعيفة واضحة ومكشوفة أمام أهل بيته. لأنها حتمًا ستُضعِف سلطانه الأبوي في البيت، وستؤثِّر على مهَابته أمام أولاده، وهذا تحذير لكل الآباء.

وقد تختلف هذه النقطة الضعيفة من واحد للآخر، وتظل مع السنين لا تتغيَّر. وفي كل الأحوال ستُضعِف البصيرة والتمييز. وهذا ما حدث مع إسحاق الذي كان مغلوبًا من شهوة الجسد فيما يخص الأكل. لهذا أحب عيسو، وأراد أن يُعطيه البركة، ناسيًا إعلان الله لرفقة أن الكبير يُسْتَعبد للصغير.

كان إسحاق يتجنَّب المواجهة مع عيسو لأنه كان عنيفًا وشرسًا، وإسحاق كان إنسانًا مُسالِمًا ووادعًا، بالإضافة إلى أنه كان يُحضِر له الصيد الذي يحبه، لهذا كان يتعامل معه باللطف الزائد ولو كان على حساب البر.

إن الشجاعة الأدبية تقتضي التوبيخ الأبوي الحازم في المواقف التي تحتاج إلى توبيخ. وكم من آباء يتجنَّبون المواجهة مع أبنائهم ويؤْثِرون المُسَالَمة ربما بسبب ضعف في شخصياتهم، أو بسبب أخطاء مُخجِلة حدثت منهم والأولاد على عِلْمٍ بها، أو بسبب شراسة الأولاد وتمرُّدهم. ومع الوقت تضيع هيبة الأب ومكانته في البيت. وعلى الأبناء أن يفهموا أن الأب يُمثِّل الله في البيت من حيث المحبة والمهَابة والسلطان، وهو مسؤول عن إقرار وإرساء مبادئ الله في البيت، مهما كانت مبادئ العالم الفاسدة التي حولنا تقود إلى التمرُّد.

محب نصيف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net