الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 10 ديسمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
عمق التوبة
إِنْ رَجَعْتَ ... يَقُولُ الرَّبُّ، إِنْ رَجَعْتَ إِلَيَّ وَإِنْ نَزَعْتَ مَكْرُهَاتِكَ مِنْ أَمَامِي، فَلاَ تَتِيهُ ( إرميا 4: 1 )
هناك شريعة في العهد القديم تُسمَّى “شريعة البقرة الحمراء”، وهي تلك الواردة في سفر العدد الأصحاح التاسع عشر. من هذه الشريعة نتعلَّم أنَّ الذي كان يتنجَّس بأية صورة من صور النجاسة، وما أكثرها، كان يُعزَل خارج المحلَّة، ويمكث هناك أيَّامًا قبل أن يُمكنه استعادة شركته مع المؤمنين ومع الله. وكان في اليوم الثالث يقترب منه رَجُلٌ طاهر، ويرشه بماء النجاسة، لكنَّه لا يصبح بذلك طاهرًا، ولا يمكنه بعدُ أن يدخل المحلة حيث مقادس الله، وحيث يمكنه ممارسة الشركة مع شعب الله، بل كان يلزَم أنَّ الرَجُل الطاهر يقترب منه مرَّة ثانية في اليوم السابع ويرشه ثانيةً بماء النجاسة. وعندئذٍ يصبح الرَجُل طاهرًا.

وفي التطبيق الروحي علينا، يمكن القول: إنَّ اليوم الثالث يعني أن يحكم المؤمن على أعماق المشكلة في قلبه، قبل أن يتمتَّع في اليوم السابع بنعمة الله الوافرة والغافرة. فعلى المؤمن أولاً أن يبحث عمَّا قاده لهذا السقوط: هل هو ثقة في الذات؟ هل شهوة رديئة غير محكوم عليها؟ هل هو إثم راعاه في داخله؟ هل هي بغضة لقريبه؟ لا بد أنْ نصل في حُكمنا إلى الأعماق. لا يكفي أن نقول فقط: “يا رب أنا أخطأت”، بل يلزَم أن نصل إلى عُمق الداء.

هذا هو اليوم الثالث، أمَّا اليوم السابع في شريعة البقرة الحمراء، فإنَّنا فيه نختبر نعمة الله التي هي أعظم بكثير من خطايانا.

كثيرون يتحدَّثون عن خطيَّة داود، وربَّما قد تصل الحماقة بالبعض أن يعترضوا على كتاب الله، بسبب خطيَّة داود. ليت هؤلاء تعلَّموا شيئًا عن توبة داود! ليتهم اختبروا ما اختبره داود عندما أخطأ، فتذلَّل أمام الربّ! ليتهم يقرأون مزامير الندامة والتوبة التي كتبها داود في تلك الأثناء! تُرى قارئي العزيز: هل اختبرتَ شيئًا مِمَّا ذكره داود في تلك المزامير: «أُعوِّم في كل ليلة سريري بدموعي. أُذوِّب فراشي» ( مز 6: 6 )، وأيضًا «لأني عارفٌ بمعاصيَّ، وخطيتي أمامي دائمًا. إليكَ وحدك أخطأت، والشر قدام عينيك صنعت ... طهِّرني بالزوفا فأَطهُر. اغسلني فأبيَض أكثرَ من الثلج. أسمعني سرورًا وفرحًا، فتبتهج عِظامٌ سحقتها» ( مز 51: 3 -8)؟

هذه هي التوبة التي بدونها لن تصلنا أي من بركات الله لنا بالنعمة وعلى رأسها غفرانه. فليتنا نرجع للرب بالحق لا بالكذب. إن مَن كان هذا حاله سيجد أن الرب حقًا سيرحمه، وسيُكثر له الغفران ( إش 55: 7 ).

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net